Monday, November 5, 2012

الإنتماء العربي في التشكيل السعودي في مجموعة متحف فرحات




     يبدو الحديث عن شمولية ما في الفن السعودي مسألة في غاية الصعوبة. لأن حالة التنوع الاختباري والحالة التجريبية التي تسيطر على المحترف السعودي , هي التي تجعل من العديد من المشاريع الفنية ورغم أهميتها , ورغم أنها واعدة حقا بأنها ليست نهائية وليست محكومة بعد بالنتائج المطلوبة كحركة فنية نهضت معتمدة على ذاتها ومتأثرة بكل ما يحيط بها .

     لكن المشاركات الغزيرة للفنانين السعوديين  في الخارج باتت تكشف يوما بعد يوم عن معطيات جديدة وهامة لهذه الحركة الواعدة ... و الفنان السعودي ليس بعيدا عن معانات الشعوب العربية والعالمية 
فهو لم يعد فنا مترفا , بل أن الأرض , الانسانية و الحرية أصبحت جزءا من التعبير لديه.

عبد الجبار اليحيا, مجموعة الخيام , متحف فرحات

    ففنون الصحراء مثلا التي اندمجت بالواقع غير المدني أي بواقع شبه قروي قد عبر فنانوها في الطائف عن التراث والقضية بشكل بارز... وذلك للمرة الأولى خارج دائرة الحلال والحرام, أورثت هذه الفنون دافعا لأجيال متوالية, مثل الفنان عبد الجبار اليحيا" الذي يمثل حركة فناني الأرض والتراث ونلاحظ ذلك من خلال لوحته "محاكاة الأرض ". فعند رحلته الى أميركا الجنوبية بغاية تعلم الطيران , تأثر الفنان بما كان يلاقيه الزنوج من اضطهاد, عندها رسم أعمالا فنية تعبر عن اشكاليات بين السعوديين والأميركيين .
 لطالما تأثرت توجهات الفنان عبد الجبار اليحيا بقناعات يدافع عنها، وأن يتضمن العمل الفني أبعاد ومعاني تشكلها علاقات العناصر، وأسلوب صياغتها وهو في ذلك استفاد من السريالية والتكعيبية والرمزية و من ثم انصهرت أعماله لتشكل لوحة تحمل المعنى الذي سعى لتحقيقه وعلى خلفية من بساطة في التكوين، وزهد في التلوين, يقول عن لوحته " سجن إفرادي" الذي يعبر فيه عن حالة الأسر في السجون الإسرائيلية "لم أشأ أن أتعامل مع الموضوع الا بهذا التبسيط ليتواصل المتلقي مع الموضوع بسهولة " فوهل الحادثة كافي تعبيريا.



    أما الرعيل الثاني فهو يتمثل ب "طه الصبان" "بكر شيخون" و"عبدالله حماس" , هؤلاء لم يبتعدوا مطلقا لا بتجريدهم ولا بتعبيريتهم عن موضوع الأرض القضية, بل على العكس لقد تميزت لوحاتهم عن غيرهم من الفنانين السعوديين لتصبح ذات إهتمام عربي.
    "طه الصبان" هو فنان تعبيري يسعى الى توسيع أفاق مسطحه التصويري وصولا الى الدمج ما بين العالم الفضائي(النوراني) والعالم الأرضي , ففي هذه اللوحة المعروضة "جدار النصر" 200*200 سم( التي إشتغلها في سجن الخيام سنة 2002 ) التابعة لمجموعة متحف فرحات , حاول الفنان بسط فكرة المكان النوراني الذي رغم المأساة والتعذيب والحصر بقيت تشع منه الحرية الذاتية ومن ثم تداخلت التعبيرية بالتجريدية  لتنتج حقول ذاكرة لا تستثني أبدا الرموز والاشارات الانتمائية. لكنها تصنع بوعي معماري مميز, مسطحا منظورا اليه من فضاء الوعي المجرد عن الخواص السردية  للموضوع وتحويله الى نص بصري قابل للانفعال والتفاعل.
  
عبدالله النواوي, مجموعة الخيام, متحف فرحات



 .
    الفنان "عبدالله النواوي" صاحب مشوار طويل في الفن ، أن أسلوبه الفني المتفرد ميّزه عن الكثير من أقرانه، ودأب على العناية به وتطويره، مما جعل الكثير من المتلقين والمهتمين بالفنون عربًا وأجانب يقفون أمام بعض تلك التفاصيل دون إخفاء الدهشة لبساطة المزج لخامات البيئة , في لوحته عن جنوب لبنان بعد التحرير ركز الفنان على جغرافية المكان وقدسية بألوان حارة تليق بالنصر التاريخي .

نبيل نجدي, مجموعة الخيام , متحف فرحات


    أما النحات "نبيل نجدي" , فيستلهم أعماله من التراث الشعبي التي تشتهر بها المنسوجات والملابس القديمة التي تزدان بالزخرفة والنقوش وتشتهر بها منطقة الخليج ونجد والمنطقة الغربية و الجنوبية،منها معالجته لقطع الحجارة المنتقاة من جبال السروات بلونها الأسود. مضيفاً عليها لمساته وإيحاءاته ببساطة لا تخلو من الجمال والروعة وتحقيق الهدف منها، هذا الفنان استطاع أن يبني ويؤسس في منطقة تبوك في الهواء الطلق مدرسة للارتقاء بالذائقة الجمالية عند الجمهور من خلال أعماله التي نثر عبيرها في كل زاوية أو دوار في مدينة تبوك فجعل منها دروسا مباشرة لكل من يمر بها من المثقفين أو العامة فكانت نتائجها مبهرة والحديث عنها لا ينتهي والتأثر بها وصل إلى مختلف المواهب التشكيلية، هذا الفنان لم يتوقف عطائه عند حدود المنطقة أو الوطن فكان له حضوره العربي في كثير من المشاركات الجماعية أو الفردية منها زيارته الى معتقل الخيام في جنوب لبنان وكان فيها بالفعل سفيراً وممثلاً متميزاً بالثقافة والقدرات الفنية، فهو من طراز مميز من حملة المفاهيم الاستقرائية للكتلة النحتية. حيث يضيف على المظهر الخارجي للحصى أو للصخور ألوانه التي تحولها إلى قوة معنوية هائلة . يشرح الفنان فكرة أعماله من خلال إختياره للحجر(المقاومة) في وجه الرياح(الاحتلال) فالمقاومة ضد إسرائيل هنا في هذه الأعمال صامدة صمود الجبال في  مهب الرياح

خاص مجموعة متحف فرحات