Saturday, December 28, 2013

صلابة الرؤية المتأثرة بالمساحات الفراغية, أعمال الفنان درويش الشمعة

درويش الشمعة, زيت على قماش 2012 من مجموعة متحف فرحات


يستبطن  درويش الشمعة  لوحاته برمزية لونية لها خاصية بيضاء.  تدعو الى تأمل انعكاسي لكل ما حولنا بعمق،  فنستكشف من خلال ذلك  الواقع التجريدي المحايد عن الخيال معنويا،  والمتلاصق به لونيا،  وتشكيليا حيث التناغم والتنافر المؤدي الى ايقاع لوني تجريدي يعصف بذهن المتلقي.  مما يزيد في قوة التأثر والتأثير،  وفي صلابة الرؤية المتأثرة بالمساحات الفراغية المسكونة بأضوء ، وبجمالية التفتيح والتعتيم  لغوامق لونية تثير اتجاهات الضوء والظل،  وتجدد الرؤية البصرية الباحثة عن اشكال جيومترية تقترن يالشكل والحجم،  والفراغ،  والابعاد المترائية والمتناغمة مع بعضها البعض من حيث السيمترية اللونية وجمالياتها ضمن التناقضات المدروسة فنيا. 
تتميز لوحات " درويش الشمعة " بالبنية الفنية القوية المكتملة الدلالات،  الظاهرة معرفيا على سطوح لوحاته المكونة من كثافة لونية منسجمة الألوان والكتل،  فعلاقاتها الفنية المترابطة ديناميكيا تعتمد على تكنيكات متباينة ضوئبا . مما يمنح اللون الابيض في لوحات " درويش الشمعة " شاعرية تندمج مع مخيلة واقعية تحافظ على نغمات تعبيرية،  وتفاصيل فنية مألوفة للعين،  فهو يعتمد على اشراقات اللون المقترنة بالموجات القصيرة،  والمنسابة بشفافية حافظ من خلالها الشمعة على الابعاد،  وانفعالات الريشة الظاهرة بوضوح من خلال الاشكال الهندسية،  كالمستطيلات اللونية المتناثرة أو المربعات  الممزوجة بايحاءات متمردة على الواقع ، وكأنه يؤلف نوتات موسيفية تعزفها ريشة قادرة على مزج الالوان وفق قياسات جيومترية،  سيمترية تقترب من الفراغات الطبيعية،  وتلامس السطوح بسطوع  انعكاسي مثير ادراكيا للحواس،  فهو بعكس قدرته على خلق تأملات تجعل المتلقي يغرق في عمق لوحاته الترابية،  والطبيعية المختلطة بين التجريد الهندسي والواقعي ، ولكن بلغة ممزوجة بتأثيرات حسية مفعمة بخطوط اللون الجذابة بصريا،  وكأنه يحاول منح لوحاته لزوجة تكعيبية انيقة تتناسب مع ما يطرحه في كل فكرة توازنت مع الحركة الداخلية والخارجية،  للمشاهد التصويرية التي قدمها تجريديا بأشكال متناقضة بالطول والعرض ، والاتجاهات النمطية لتوليفات تقنية اخرجها سينوغرافيا  بتدرجات بعثرها موسيقيا،  وكأنه يعزف على خطوط اللوحة ومفرداتها الجمالية العابقة بتكوينات هندسية ذات زوايا جيومترية ودلالات متحررة من ثنيايا الضوء والظل.
  يقول فيرلاند ليجيه:" لا يمكن تصوره بدون وجود الالوان، إن وظيفتها ليست مجرد ديكور او زينة لكنها ايضا ذات قيمة سيكولوجية واجتماعية لا يمكن انكارها خاصة عندما يتم ربطها بالضوء." أشكال مستوحاة من تناغمات الطبيعة المتحررة من القيود الفنية . الا انه ترك للتجريد لغة واقعية لها تعبيراتها الرنانة المنسجمة مع الرؤية المتوازنة فنيا،  فالارتباطات البصرية ذات خصائص واعية من حيث المعنى المتلاحم مع مضامين الفكرة الموضوعيىة،  المقترنة بالمعاني داخل كل كتلة لونية شديدة التماسك ، والكثافة بالاضافة الى  التشكيلات الغنية بامتدادها بين مساحات فراغية ترتكز على نسيج تجريدي موزون هندسيا وحركيا وحسيا. لان المؤثرات الايحائية ذات خطاب تشكيلي بناء له خصوصية صلبة ومرنة في آن واحد.
ألوان داكنة وفاتحة ، ولطشات تكعيبية لونية ذات موجات قصيرة المدى.  غطاها بامتدادات هندسية بيضاء ذات تفاعلات تركيبية .  تتماهى مع البعد الثالث لابراز اهمية الامكنة العالقة في ذاكرته الفنية،  المتعلقة بخبرته الانسانية في خلق تكوينات تحمل بصمات تجريدية . يشير من خلالها الى التغيرات والتحولات التي يتسبب فيها الزمن المشتت بين الاشكال،  والمفردات الفنية المتراقصة على ايقاع الضوء المتجانس مع الظل والاشارات المتكررة بصريا ،  والمتعلقة بمفهوم اللون وتقنية الخط القصير والطويل،  والمساحات الممتدة كفضاءات تخيلية تمسك بالواقع،  فتجرده من طبيعيات تتركه  كالقطع اللونية الهندسية المنتظمة والعشوائية،  وكأن اللوحة تمثل المعايشة الحقيقة لاركان كل مفردة تميزت بالتناغم والتضاد.
مشاكسات بصرية تنخرط فيها الحواس،  لتتابع مسارات الخطوط بتدفق عاطفي هو نتاج تحولات فكرية،  وفنية تتخذ منحى لوني شديد التباين والتأثير على اجزاء معينة من الاشكال والاحجام،  والكتل،  والفراغات التي تفصل بجمالية بين الاجزاء الصغيرة والكبيرة ، والمتناقضة شكليا ومضمونيا واسلوبيا ومنسجمة تشكيليا . لأنها مشبعة بصراعات ريشة تمتص اللون وتوزعه تبعا للفكرة المسيطرة على اللوحة وابعادها. 
محاكاة لونية وحوارات هندسية متداخلة بتجريدات متصلة بالواقع وتكعيبية غامضة،  وبحركية الاشكال المرئية . لاضفاء حيوية على المشهد الفني ، وجمالية تشكيلاته الداخلية المبنية على تراكمات وتحولات تتلاءم مع الوحدات الهندسية ذات الانعكاسات اللونية البيضاء.  لتؤلف المعاناة الانسانية جزءاً من مواضيعه الفنية،  وكأنه يضع اللون في خدمة التعبيرات التصويرية المينية على تجريد  ترك فيه للون الأبيض لغة السلام . ان اللون الابيض يتغلغل مع الالوان الاخرى،  كالاحمر،  والاخضر ، والا صفر ، والاسود ، والأزرق مظهرا حيادية مختزلة من خلال الرمادى الخجول في لوحة كثيفة المفردات  والدلالات المشحونة برمزية انسانية وضعها ضمن اطر اللون الابيض ، ومفاهيمه  الموحية بفكرة السلام التائه في الحياة . 
دراما لونية تجريدية تمثلت بواقعية تزامنت مع المشهد ، ومؤثراته الحسية من حيث النسبة الجمالية،  والروافد الغريبة التي يشعر بها المتلقي . كأنها مشاكسات وهواجس تتسبب فيها الحروب او الصراعات النفسية التي تتسبب برسم ملامح غامضة على نفس تعاني من الانعطافات الحياتية المؤثرة على ابداعات مكتوبة باللون،  والشكل ومرسومة بأسلوب هندسي فني حيث تتشكل اهميته في اظهار الانفعالات الفنية بكافة انواعها ، وهذا ما دأب عليه " درويش الشمعه"  ليمنح لوحاته الصدق الفني والرؤية الجمالية.
لوحات الفنان درويش الشمعة من مجموعة متحف فرحات 

لمشاهدة المزيد من أعمال الفنان 

No comments:

Post a Comment