Saturday, April 21, 2012

الفن العراقي الحديث , بقلم ماجد محمد حسن

أن كل ما نقرأ وما نسمع من آراء ومفاهيم وتعريفات اختلفت أو اتفقت في رؤيتها ونقدها للفن وكل ما تحمله من قيم جمالية يتصف بها العمل الفني. تساعد في بلورة القدرة الإبداعية لدى الفنان وترفع من قدرته الإبداعية في إنجاز عملاً ذا مواصفات تقنية وفنية أفضل. لأن تباين واختلاف الاساليب الفنية، التي يعبر عن طريقها الفنان عن رؤيته وذاته مستخدماً الاسلوب الذي يجد فيه حريته وتلقائيته في التعبير عن نفسه من خلاله سواء كان هذا التعبير الابداعي فناً تشكيلياً أو موسيقياً أو أدبياً. لأن الإبداع هو عملية خلق للمواجهة والتغلب على قضايا الحياة ومتغيراتها ورتابتها وتناقضاتها وجمالها وغموض المجهول، مستثيرة ومستفزة للقدرات الكامنة في الانسان لخلق عوالم جديدة تجعل من الحياة ممكنة. وما تفاعل الانسان المبدع، إلا محاولة لتخطي واقعه وحفر وتأكيد حضوره الوجودي في الحياة. لأن الانسان يسعى دائما لتأكيد حريته ووحدته مع نفسه والعالم، وما يضجره ويقلقه هو الحدود الضيقة التي تحاصره، بالرغم من التقدم العلمي والفكري الذي وصل اليه الانسان. لكن نجد أن الانسان ما يزال يبحث عن معنى وقيمة لحياته، عبر صراعه وسط العدمية والحيوّية.

إن الفن يعتبر ظاهرة أو شكلاً من أشكال النشاط الانساني، الذي تتحدد أهميته فيه كعامل أساسي في هذا النشاط الذي يكوّن في مجمله ثقافة الانسان ككائن اجتماعي يعمل على تغيير الطبيعة وتحويلها لتلبية حاجاته المتنامية. أي أن الفن الذي يرتبط ارتباطاً وثيقا ومباشرا بمختلف القوى الفاعلة في تاريخ تطور الانسان، ماديا وفكريا، لا ينفصل عن مجموعة العلاقات الإنسانية، ويعمل من ضمن تلك العلاقات التي تسهم إسهاماً كبيراً بتحديد مساره وتوجهه العام. لأن حاجتنا للفن اليوم تبدو، أكثر من أي وقت مضى، حاجة لهدى الفن الحقيقي ولنوره، لأن الفن قادر على تنقية تجربتنا الحياتية وتعزيزها. وكما أن الفن يذهب بالاحقاد، لأن الفن العظيم هو الذي يزرع الحياة في ينبوع يستطيع ان يكون في آن رافداً لدموع الفرح وآناً لدموع الحزن، وهو القادر على أن يكسر القلب مرة تلو المرة، لكنه القادر أيضاً، وفي كل مرة على بلسمته وتسكينه.

أن الفن التشكيلي المعاصر في العراق لم يكن معروفاً بشكل ظاهر ومتميز وليس له خصوصية ظاهرة وتأثير في المجتمع. ويعود ذلك للانحطاط السياسي والثقافي والاقتصادي فكان التخلف المزري نتيجة لهذا الانحطاط المتراكم لسنين طويلة والذي ساهم بعزل المجتمع عن كل ما يحدث من تطور حضاري في العالم، وقد استمر هذا العزل الى عصرنا الحديث والمعاصر. حيث كان معظم الناس لا يعرفون ماذا كان يدور ويحدث حولهم من أحداث ومتغيرات، باستثناء بعض العوائل الغنية التي كان لها اتصال واحتكاك بالسلطة العثمانية، إضافةً للجانب الديني في التعليم ودور الدين في معارضة الفنون التصويرية باعتبارها مفسدة للناس ومحّرمة كذلك. فقد كانت جميع هذه العوامل، حاجزا منيعاً أمام انتشار وتطور الفنون الجميلة وخصوصا فن النحت والرسم، وبالإضافة لانشغال الفرد بتلبية حاجاته المعيشية والبحث الدائم عن المورد الغذائي.

لكن بالرغم من ذلك فقد كان للصناعات اليدوية والفنون التطبيقية، دوراً كبيراً في إبراز مهارات فنية عالية لدى الحرفيين كالصفار والبنّاء والحائك والنجار، لقد كانوا هؤلاء يبدعون أعمالاً فنية رائعة الدقة والجمال، وتتمتع بالكثير من الصفات والشروط الفنية. حيث نجد لديهم إنتاجا فنيا رائعا يبهر الناظر ويمنحه شعوراً بالمتعة والاحساس بجمال المنتج، سواء كان في السجاد أو في فناء البيوت والقصور والمساجد وتصميمها الخارجي أو النقش والحفر على المعادن والخشب.

أن بداية ظهور معالم الفن التشكيلي، في العراق الحديث كان مع جيل الرواد. وأن ظهر قبلهم فنانين مثل عبد القادر الرسام الذي عاش في تركيا، ومن خلال عمله الوظيفي في الدولة العثمانية. تعلم الرسم هناك عبر احتكاكه وانفتاحه على الغرب، فهذا كان أفضل له، مما لو كان في العراق. لقد أمتاز عمله الفني بالتقنية الأكاديمية وتصويره للمناظر الطبيعية في الريف العراقي. وكان هنالك رسامين آخرون أمثال صالح زكي وعاصم حافظ وسعاد سليم.

لكن تعتبر بداية تأسيس الفن التشكيلي المعاصر في العراق، العملي والفعّال كان مع عودة الشباب الذين كانوا وافدين الى أوربا، وهؤلاء الشباب هم الجيل الذي سميّ بالرواد، فجاءوا يحملون معهم الاساليب الفنية التي درسوها وتعلموها في أوربا. فساهموا بنقل ما تعلموه من أساليب المدارس الفنية المختلفة التي ظهرت عبر التاريخ الفني في أوربا. وهذا الجيل هو الذي استطاع أن يضع القواعد المدرسية لشروط الفن. حين تأسس بهم معهد الفنون الجميلة قسم الرسم عام ( 1939). وكما بدؤوا بإقامة المعارض الجماعية والفردية، وفي بداية الخمسينات تم تأسيس ابرز الجماعات الفنية مثل الرواد (1950)، وجماعة بغداد للفن الحديث (1951)، وتم تأسيس جمعية الفنانين العراقيين (1956). وقد ساهم جيل الفنانين الرواد بوضعهم البصمة والقاعدة الحقيقية للفن التشكيلي العراقي، أمثال جواد سليم وفائق حسن ومحمود صبري وحافظ الدروبي، وبعد ذلك انتمى لهم آخرون أمثال خالد الرحال وشاكر حسن آل سعيد وإسماعيل الشيخلي وخالد الجادر وفرج عبو وعطا صبري.

لقد كانت البنية الاجتماعية العراقية غير متجانسة، الى حد ما وغير متصارعة، لذلك فقد ساعدت على فرز اتجاهات مغايرة في الفن التشكيلي، وسبب ذلك يعود الى عدم وجود واقع متطور له تقاليده في الفن التشكيلي العراقي. مما أدى الى ظهور جيلاً من الفنانين دون ان يحدث فيما بينهم مناقشة ونقد وصراع في الفكرة والأسلوب التقني. لأن الفنان يرتبط إبداعه بطبيعة المستوى، الثقافي والسياسي والتجاري للبيئة الاجتماعية، التي ينتج ويعيش وسطها. فقد حاول هذا الجيل أن يطبق الاساليب الفنية الغربية التي درسها وتعلمها، على طبيعة البيئة العراقية، فكان بعضهم ينتقلون من الاسلوب الكلاسيكي أو الأكاديمي، الى الرومانسي ثم الطبيعي والتعبيري والانطباعي الى السوريالي فالتجريدي الى آخره من الأساليب التي ظهرت في أوربا، بفترات زمنية قصيرة يغّير الفنان فيها أسلوب تعبيره وتنفيذه لعمله الفني.

حيث يوجد بعض الرسامين خلال عشر سنوات يتنقل من أسلوب الى آخر في تنفيذ أعماله، كما هناك الكثير من الرسامين المبتدأين ما أن تعلم أوليات الرسم، بدون أن يستكمل إمكانياته وقدرته التقنية الأكاديمية الصحيحة في الرسم، حتى تجده ينتقل بتنفيذ أعماله الى المرحلة التجريدية سريعاً، ليس لأنه يجد نفسه فيها بل لأنها الأسهل في تنفيذ الأعمال، متخلياً عن بذل الجهد في تطوير قدرته وإمكانيته التقنية، وبهذه الحالة يستطيع أي فرد أن يكون رساماً وفناناً لأنه بمجرد أن يضع خلطة من الألوان، متداخل مع بعضها على اللوحة، سوف تعطينا لوحة تجريده، ونطلق عليها أسم حلم مثلاً.

في الوقت الذي نجد فيه أن بعض الفنانين من جيل الرواد، ومن الكثير الذين جاؤا بعدهم، لا يمتلكون المخيلة التي تخزن الاشكال والأبعاد والنسب، فمعضمهم يمتلك التقنية اللازمة لتنفيذ العمل، لكنه لم يمتلك تلك القدرة على الإبداع، لذلك فقد اعتمدوا بتنفيذ أعمالهم، على الصور الفوتوغرافية بدلاً من تنفيذ العمل، على اساس المخزون والمخيلة التي تساعد على الخلق والإبداع الفني، وهذا مما يجعلهم أقرب للحرفيين منهم للمبدعين.

لأن الفنان العراقي الذي درس الفن في أوربا، قد تأثر بشكل كبير بهذه المدارس الفنية والفكرية. لأن الفنان حين بدأ دراسته لم يكن يحمل رؤية فكرية عميقة، ومعرفة بفنون وتاريخ بلده وحضارته، وهذا نتيجة للتخلف النافذ حتى النخاع في جميع معالم الحياة، مما جعله لا يمتلك حصانة فكرية وثقافية، تحميه وتعطيه القدرة على الموازنة والتمييز، بدلا من الانبهار والتأثر الكلي، بما يجد ويرى من أساليب فنية وثقافية، ومعالم حضارية متطورة عما هي عليه في وطنه. ينبغي على الفنان أن يعبر عن ذاته، من خلال رؤيته المستنبطة عبر صراعه مع الحياة، ومع نفسه في سبيل تحقيق القدرة على تأكيد ذاته، وحضوره من خلال إمكانية التعبير بما يشعر به، من قلق إزاء سطوة الحياة العملية، التي سلبت الانسان حريته بقوانينها ونظمها وبرامجها، والتي قيدت الانسان وجعلته مربوطاً بعربتها، مدفوعاً في السعي لتحقيق أهدافها وغاياتها، حسب ما هو مطروح من نظم ومفاهيم أقامتها الحياة الاجتماعية وحددت مسارها. فيصبح الانسان مشدوداً نحو طموحه الذي هو انعكاس لمفاهيم ورغبات المجتمع، فتجعله يركض لاهثا خلف إحدى مسمّياتها المفضّلة، وحين يحقق ما ابتغى اليه أو شيئاً منه، سيدرك حينها إذا أمتلك بعض الحس البشري أنه لا شيء، لأنه ما أن ينظر بعمق لما بين يديه، يجد أنه لم يحقق شيئاً لنفسه وذاته واختياره الحر انما سعى مكبلاً ومسيراً بمفاهيم العقل الجماعي وقيم السوق. وهنا يكون قد فقد عطاؤه وقيمه وإنسانيته وأصبح شبيها بالحمار المربوط بالناعور فهو يعتقد ان الحلقة التي يدور حولها هي هدفه الحقيقي والعالم الذي يسعى للوصول اليه، بحيث لا يستطيع أن يجد راحته وسعادته خارجه، بل غير قادر أن يتحرر من قيوده.

بينما نجد أن الفنان الغربي يمضي فترات طويلة من عمره يعبر بكل كيانه وفكره ولا يدع أي لحظة إحساس واتصال وتناغم مع موضوعه الذي يعبر عنه في عمله الفني أياً كان هذا العمل الفني، فيفرغها فيه بإحساس صادق، ومتى ما أصبح الأسلوب الذي يعبر عن عطائه من خلاله يضيّق ويحد من حريته الإبداعية وعطائه الفني، حينها يبحث أو يبتكر أسلوباً آخر يجد فيه حرية أكبر وأكثر قدرة على العطاء الإبداعي، كما حدث مع المدارس الفنية والأدبية في العالم، وكذلك هو مع ثورة الشعر الحديث في العراق على يد السياب ونازك الملائكة والبياتي، وإن بعضهم يبقى حياته كلها ينتج بأسلوب فني واحد ويقدم أعمالاً فنية تبقى خالدة مثل دافيد وديلاكروا ورمبرانت والجريكو ورنوار وفان كوخ ومانيه وسيزان ودالي وغيرهم كثير من القدماء والمعاصرين، لكن هذه الحالة لا تنطبق مع بيكاسو الذي كان إنتاجه كبيراً وكثيراً وتعددت الاساليب الفنية على يده فهو قد أنتقل من الكلاسيكي الى التعبيري الى المرحلة التنقيطية ثم الى المراحل الحمراء والزرقاء ومنها الى التكعيبية ثم السوريالية وأخيراً التجريدية.

ومن هذا المنطلق فقد سعى جيل الرواد بكل قدراتهم الى إيجاد أسلوباً خاصاً بهم، يعبر عن ذاتهم وخصوصيتهم المحلية والقومية والدينية. فالصعوبة في ذلك كان في غياب الفن العراقي وخصوصاً الرسم، الذي يمكن من خلاله أن يتطور ويتواصل الفنانون معه. وعلى هذا الأساس فقد سعى جواد سليم لخلق فن عراقي يستمد أصوله من التراث العراقي والإسلامي. مستفيداً من التقنيات في الفنون الغربية، في تنفيذ أعماله عبر صهر ومزاوجة بين التراث المحلي والتقنية الغربية لإنتاج فناً عراقياً مختلفاً. لقد حاول جواد منذ البداية أن يؤسس ويحقق هدفاً فنياً عراقي الصميم والخصوصية، يحمل روحاً إنسانية شاملة، يستمد مقوماته من الإرث الحضاري القديم، والإسلامي والبيئة المحلية المعاصرة. بكل إرهاصاتها وصعوباتها وحدود الحرية التي يتحرك ضمنها الفنان لتلبية متطلبات الإبداع لديه. وبهذا فهو يحاول أن يحقق إنجازات فنية ضمن قوانين الواقع وتطوره، فكان طموحاً من أجل إنشاء فن عراقي معاصر يبدأ من روح الماضي، ليمتلك المقومات المستقبلية، من خلال تنفيذه أعمالاً تجريبية جريئة. يقول جواد بهذا الخصوص " أن الفنان الذي ينشد الوصول الى هدفه يجب أن يكرس له كل قواه وحياته، فيجب عليه أن يهضم كل قديم ليأتي بالجديد، وما هذا القديم إلا دنيا هائلة…. "

لقد واجه جيل الرواد صعوبات وبذل جهداً كبيراً من أجل الارتقاء بالفن العراقي. وتأسيس فناً وخلق قاعدة ذات خصوصية عراقية. حيث نجد أن أعمال فائق حسن تمس وتعالج الفن، باعتباره لا ينفصل عن الحياة الواقعية، كما أنه لم يتخلى عن الجانب الوطني في تأسيس فن يمتلك روحية وخصوصية الحياة العراقية. بتنفيذه أعمال عميقة الارتباط بالواقع، فكانت رسومه من أول الأعمال الحرفية المتقنة. كما كانت رسومه تقوم بإعادة الاعتبار لكل ما هو عراقي وشعبي، فرسم القرية وشخصياتها وطقوسها وجزئياتها الدقيقة، والصحراء وخصوصيتها. ويعتبر فائق حسن أول رسام عراقي أسس مبادئ اللون ويعتبره النقاد ملك اللون. وكان لا يريد أن يتجرد عن الفن المعبر عن أعماق الشخصية الوطنية، ذات الماضي والحاضر التي تريد أن تتحدى الابتذال. كما يعتبر أول رسام مبدع أعطى للمناخ، والواقع اليومي، أبعاداً فنية تناسب الجانب الذي نظر من خلاله. فقد أسس فائق ورسخ تقاليد فن الرسم، كما أسس جواد تقاليد فن النحت.

وقد ساهم شاكر حسن وخالد الرحال بدور كبير في ارتقاء الفن التشكيلي العراقي. وكذلك فعل جيل الرواد جميعاً بما قدموا من إسهامات فنية وتنظيرّية، من أجل تحقيق أساليب فنية مستقلة عن تأثير الأساليب الغربية التي تعلموها. أن شاكر حسن آل سعيد كان مواكباً للحركة التشكيلية منذ البدء، وحتى هذه اللحظة، وقد تحول أو مر بعدة مراحل، ولكن باتجاه لتأصيل رؤيته في الفن، ومنحه قيمة إنسانية خاصة. ويعتبر الرائد الوحيد الذي حافظ على ربط نشاطه الفكري بفنه. فقد عبر عن فكرة النهوض الفني في العراق، رابطاً الماضي بالحاضر، ودارساً الحاضر كجزء من مشروع مستقبلي. لأنه لا يريد أن يتجرد عن فكرة مورثه الإبداعي والحضاري. فكانت بدايته ذات مضمون اجتماعي، وقد ارتبطت أعماله بالواقع، فقد نفذ أعمالاً تعبر عن الفلاحين وعن الكادحين في ألف ليلة وليلة، وتصويره لبعض القصص والخرافات فيها، ومن أهم أعماله التخطيطية كانت عن الوثبة.

وكذلك هو صاحب فكرة ( البعد الواحد )، وهي تعني مرحلة التشخيص والاهتمام بالفلكلور، وثم مرحلة التأمل حيث يتخذ التجريد أسلوباً له ، وبعدها يدخل الحرف كجزء من مضمونه ومن بنيته التصويرية. وأخيراً كان اهتمامه بالسطح الخارجي للوحة، أو تصويره الجدار. أن انصرافه الى الصوفية المؤمنة، أدى به الى التجريد بتصوير أعماله، ملتزما بتحريم الإسلام للتصوير التشبيهي. ويقول شاكر آل سعيد في كتابه ( الفن يستلهم الحرف)، " تعبر ممارسة الحرف العربي، والحرف عموماً، في التشكيل الفني عن محاولة للعودة الى القيم الحقيقية في الفن. " ويضيف بقوله " أي التي تعني استقصاء الحقيقة في الفن ومع ذلك المحافظة على المعنى التشكيلي في البحث بواسطة الأبعاد. " ثم يتابع " فالتعبير بالحرف أذن هو محاولة مشروعة وتطور تاريخي للفن ونحو تخطي الواقع السطحي ذي البعدين كمناخ طبيعي للعمل الفني الى حقيقة الخط أو البعد الواحد، كما أن هناك محاولات أخرى تستبدل السطح التصويري بالفضاء الحقيقي والفراغ المعماري ذي الأبعاد الثلاثة أو البعد (الحركة النسبية) أو الحركة العقلية أو الرؤيا البصرية الفوقية. " ومن كتابه ( الحرية في الفن )، " أنا أعترف الآن كم هي مضنية كل تلك المحاولات التي يحاولها الفنان من أجل الاحتفاظ بأصالته، وكم هي ثقيلة كل تلك المسؤولية التي تقع على كاهل إنسان يحقق إنسانيته. " كما يقول أيضاً " أن التعبير عن البعد الواحد في الفن التشكيلي هو محاولة لاختزال معنى الإبداع عبر السطح التصويري، من كونه محاولة للتعامل مع الأبعاد الثلاثة ان لم تكن الأربعة خلال الوسائل الأكاديمية، الى البعدين الحقيقيين لمعنى الشكل ثم البعد الثالث الوهمي، كما يعبر عنه خلال المنظور الى كونه محاولة للتعامل، مع البعد الواحد ( أو البعد الأول كطول أو عرض )، وهو حالة تجسد على السطح التصويري وبالطبع اتخذت من الوسائل التقنية أسباباً لتحقيق هذا المعنى للبعد الواحد متخذا من الدرجة اللونية أساساً لتجاوز الشكل ذي البعدين ومن الفضاء الحقيقي أو الفعلي عند استخدامي الشقوق والفوهات في السطح التصويري… إنها بالأساس وسائل شكلية هذه هي خلاصة مشروعي الفني في معنى البعد الواحد.

بعدما عاد هؤلاء الفنانون يحملون أساليبهم الفنية والثقافية الغربية الى وطنهم سعداء بما يملكون، فقاموا بتوظيف هذه الاساليب الفنية التي تبنوها في أعمالهم. وهذا ما يؤكده جواد سليم بقوله " إننا لا نغفل عن ارتباطنا الفكري والأسلوبي بالتطور الفني السائد في العالم، ولكننا في الوقت نفسه نريد خلق أشكال تضفي على الفن العراقي طابعاً خاصاً وشخصية مميزة. " فقام بعض الفنانين بتصوير الطبيعة العراقية وتركيزهم على قوة الضوء، بسبب قوة ضياء الشمس وحدتها، وتصوير الظلال وسط بساتين النخيل والفواكه، وامتداد حقول القمح والشعير، وحركتها المتموجة مع الريح، حين يغلفها ضوء الشمس، فيبهجنا لونها الذهبي. وآخر قام بتصوير البادية ومعالمها الصحراوية الممتدة بعيداً، لتتعانق مع السماء عند الافق البعيد، والضوء الحاد الذي يجعلها أرضها اكثر اصفراراً وإشراقاً، فنشعر بعمقها، وبالفضول لمعرفة الى أين يفضي وينتهي أفقها الممتد الذي لا تستطيع العين أن تلمس نهايته حين يبحث عن حدودها البصر. وتصوير البدوي وخيمته وماشيته وأبله وخيوله العربية، وسط الصحراء أو تحت ظلال النخيل عند واحةً ما. وبعضهم قام بتصوير المدينة بناسها وأزيائهم الشعبية المختلفة، ومقاهيها، وأسواقها، وشوارعها، وشناشيل بيوتها، ومساجدها، ودرابينها( أزقتها) الضيقة، وأنهارها وجسورها، وتصوير الجبال والأودية وغاباتها وتتشح وشاحها الأبيض الثلجي في أيام الشتاء أرضها، والأكراد في أزيائهم وقراهم ومزارعهم. فسعوا بجميع هذه الأعمال لكي يحققوا فيها صورة عراقية، بكل تكويناته البشرية والجغرافية.

لكن كان هناك تباين في الاتجاهات التي راح ينفذ كل فنان أعماله فيها، وهذا التباين والاختلاف هو نتيجة للفوارق الاجتماعية في بلورة تلك الاتجاهات، فقد كان ولا زال أثر هذا سلبياً على الكثير من المواهب الفنية وحد من تطورها. لأن الكثير من الفنانين كانوا ينتجون أو يرسمون حسب طلب السوق، وهذا السوق سواء كان تجارياً أو سياسياً أو ثقافياً، سيحدد ويؤثر بنوّعية وعيه الفني ومستواه الثقافي، إيجابياً أو سلبياً في بروز المواهب أو ضمورها.

بالاضافة الى عوامل التخلف التي ساهمت بتأخر النقد الفني، وتخلف المعالجات الفكرية التي تتطلب مناخاً حراً ديمقراطياً، مما حال بين الفنان وتنفيذه لأعمال جريئة وصريحة تعبر عن الواقع الاجتماعي. لذلك فنحن بحاجة الى متلقي واعي ومتذوق، ومن أجل ذلك يجب أن نقوم بتنمية الوعي الفني وتربية الذوق البصري والفني لدى المتلقي العراقي. لكي يحيي ويحفز لدى الفنان دواخله الكامنة وريادته المتجددة وبالتالي حتى يتكون لدينا جمهور أو متلقي حضاري متقدم يلعب دور الخالق أو المنشط في الوضع الفني والإنساني عموماً.

لذلك قام هؤلاء الفنانون بجهود كبيرة، من أجل تربية الذوق الفني والبصري لدى المتلقي العراقي، من خلال المعارض الفنية التي أقاموها، وعبر سعيهم لفتح معهد الفنون الجميلة، وقبول الطلبة الموهوبين في مجال الفنون، ومن لديه الاهتمام وحب للفنون. ويكونوا هم بهذا قد ساهموا مساهمة كبيرة، بتخريج فنانين جدد، ومعلمين مثقفين فنياً، ليساهموا في تنمية وتربية الذوق الفني والتربية البصرية في التحسس والتلقي، لدى الطلبة من خلال تعاملهم مع العمل الفني، كقيمة عالية، وامتلاكهم للشروط الفنية والموضوعية، والاحساس بعناصر الألوان، و جمالها ورونقها وتناسقها وانسجامها، حين تستخدم في تلوين المناظر الطبيعية، وتعليمهم كيف يحترمون الاشياء الجملية، ويتعاملون معها برقه وإحساس مرهف، أياً كان هذا الشيء الجميل، مشتل للزهور أو أشجار خضراء، أو مجموعة من الطيور الملونة، تتنقل على الارض أو تطير بالفضاء، أو صوت موسيقى أو بلبل يغرد، أو فتاة فاتنة تتغنج بمشيتها، وتناسق وجمال جسدها وشفتيها وعيونها وشعرها. فمن واجب معلم الفن، أيا كان تخصصه الفني سمعياً أو بصرياً، أن يسعى لتربية الذوق الفني واحترامه، والاحساس بالجمال كقيمة عالية في الطبيعة.

أن الابداع الفني هو نتيجة لعصارة من التداخل الوجداني والفكري والثقافي والموهبة وحب المغامرة والاحساس بالحرية والتمرد، عبر القلق الناتج عن هذا كله ويقظة اللاوعي، وصراعه مع نفسه والعالم. وحين يستنفذ هذا الفنان جميع زوايا، ومنافذ ذلك الاسلوب، الذي أصبح يضيق به ويحد من حركته، تجده حينها قد ابتكر أسلوباً فنياً جديداً يشعر معه بحرية أكبر في التعبير عن مكامن ذاته، وتتجدد رؤيته للعالم ويستكشف معالم وآفاق جديدة لم تأخذ حيزها في التعبير بشكل واسع لديه.

أن مفهوم الجمال قيمة للعمل المنفذ، وأن كان الجمال في الموضوع الفني لا يعني أن يكون معيار لقيمته الفنية، لأن ميزة العمل الفني هي قيمته الكامنة فيه وتكامل هذا العمل المنفذ بذاته. يعني أنه ليس بالضرورة أن يكون العمل الجميل له قيمة فنية كامنة، بينما نجد عملا لا يترك انطباعا بإحساس جمالي لدى المتلقي لكنه يعتبر عمل فني رفيع المستوى، نقارن مثلاً بين لوحة لمنظر طبيعي جميل، ولوحة الجرونيكا لبيكاسو. لذلك لا يعتبر الجمال معياراً لقيمة العمل الفني. لكن العمل الفني هو قيمة جمالية قادرة على تلبية المتطلبات الجمالية للبشر وإشباع اهتمامهم وإرضاء أذواقهم ومثلهم فأنه يغدو، مع القيم الجمالية الأخرى، أهم أداة للتربية الجمالية ولتكوين المثل والاحاسيس والاذواق الجمالية لدى البشر وموقفهم الجمالي إزاء الواقع. وعلى هذا الأساس نعتبر الجمال في الفن ليس وليد انعكاس الجمال القائم في الواقع فحسب، بل انه تجسيد لمثال الجمال والقالب الفني المصنوع طبقاً للإحساس بالجمال. لكن الجمال في الطبيعة أغنى من الجمال في الفن. لأن الجمال في الطبيعة الذي يترك في نفوسنا البهجة والراحة والإعجاب، بمنظر لكتل من الغيوم البيضاء المتناثرة في السماء أو منظر البحر عند الغروب، أو منظر النجوم في ليلة صيفية. أو منظر لبحيرة نشاهدها، من خلال برنامج عالم الطبيعة، يحيط بها الخضار من كل جانب، وتنتشر فوق سطحها أنواعاً من الطيور، مختلفة الألوان والأشكال، ولكن حين تطير فجأةً جميعها، نرى لوحةً فنية رائعة الجمال، بالرغم من فوضى حركتها، فهي من خلال تداخل الألوان والأشكال تشكل تناسقاً منسجماً، مما تثير في نفس المتلقي حساً جمالياً مليء بالبهجة وشداً تجاه تلك الصورة في تلك اللحظة. بالرغم مما تثيره فينا من إحساس فهي لا تحمل مضمون وقيمة فنية. ربما أن الطبيعة ترتبط بمشيئة غائبة، بينما الروائع الفنية ترتبط بمشيئة الفنان الحرة في الابداع.

أن الفنان ينبوع من الحس المرهف والعواطف والخيال المتوقد، وكما يقول ( الكسندر اليوت ) في كتابه ( أفاق الفن ) " أن الفنان جائع للحياة في كل أشكالها، من الطعام الى الأحلام. وأنه يأتي الى الدنيا جائعاً، سعيداً، مندهشاً. أن الأخذ خير من العطاء، الى حد ما وبعد ذلك يصحّ العكس أيضاً. بل أن المرء في بعض الأحيان، يكون بالوعة أن لم يكن ينبوعاً، والفنان الحق قد درب نفسه وملأها وحررها من أجل العطاء. أنه كأس لا قرارة لها في امتلاء مستمر وطفح مستمر." أن الأعمال الفنية نواتج للنشاط الانساني البارع المتعمد، على حين أن موضوعات الطبيعة ليست كذلك. أننا نشعر بنوع من الألفة والقرابة مع الشخص الذي صاغ العمل أمامنا، وهو شعور لا نحس به عند إدراكنا للطبيعة. وقد نشعر بالامتنان للجهود التي زودتنا بهذا العمل الممتع، أو نتأثر بالعقبات وعوامل الإحباط التي أضطر الفنان الى التغلب عليها، أو قد نشعر ببساطة، برابطة تربطنا بإنسان آخر يتحدث الينا من خلال فنه بطريقة مباشرة ومؤثرة. وكما نعجب ببراعة الفنان، ونحترم الخبرة التي تمكن بها من السيطرة على وسطه الفني ومن استخدامه، أو نقدّر بساطة الخطوط التي تمكن بها الرسام من أن يحقق تأثيراً ضخماً. ويقوم على تربية البصر والذوق الفني لدى المتلقي. " لأن الاستمتاع الجمالي بعمل فني ليس شيئاً يتم كله دفعة واحدة، وأنما هو عملية نامية، متدرجة خلاقة. ولو واجهنا تحدي العمل، لكانت نتيجته هي القيمة التي نشعر بها لتجربتنا عندما نتمكن من تذوقه. وفي حالة بعض الأعمال الفنية، ولا سيما تلك التي نسميها أعمالا عظيمة، لا تنتهي عملية ازدياد التعرف أبداً. ففي هذه الأعمال نرى على الدوام شيئاً جديداً، ونجد علاقات شكلية جديدة، وندرك معنى جديداً. كما أنه باستطاعتنا أن نظل ننعم بالراحة مكتفين بأعمال تفتقر الى التعقيد والعمق. غير أن هذا موقف يؤدي الى الجمود والركود. فلو عزلنا أنفسنا على هذا النحو، لم نجرؤ أبداً على مواجهة أعمال جديدة غير مألوفة، لأصبنا تجربتنا بالهزال، وحرمنا أنفسنا الرضا والمتعة. "

أن الموقف الجمالي، كما أي موقف آخر يدل على توجيه الانتباه والتحكم به، ولا نعد كل ما نراه متساوي الأهمية، للتباين والتفاوت بين المواضيع الفنية، فالموقف يرتكز على حقيقة نفسية قائمة على التجربة الجمالية، وفي بناء معيارنا للموقف النقدي، والاستيعاب الجمالي للموضوع الفني، وتنمية التذوق الفني.

أن البناء الانساني يعتمد، على مدى تحقيق أكبر قدر من الحرية، في الاختبار والتعبير، وتنمية الاحساس الذاتي، بقيمته كانسان حر ينتمي للنوع الانساني. وأن أختلق مفاهيم ومعتقدات لكنهم مرتبطون بهذا الانتماء المشترك. وغاية الانسان المبدع هي بناء الشعور، والقيمة الإنسانية في الرؤية، والعمل من أجل تحقيق السلام، وتنمية القدرات الإبداعية الخلاقة.

أن تربية التذوق الجمالي لدى الأفراد في الفن والطبيعة، عند الفنان تعتبر خطوة في ارتقاء القدرات الفكرية والروحية والسمو بأفكاره والشعور المتزايد بقيمته الإنسانية. أن تربية التذوق تبدأ مع الأطفال في المراحل المدرسية الأولى، وضرورة أن يأخذ الاهتمام بتدريس الفنون بحيز أكبر في جدول الدروس الابتدائية والمراحل الدراسية التي تأتي بعدها أيضاً، بدلاً من إهماله واعتباره درساً أو مادة غير ضرورية للطالب ومضيعة للوقت والجهد وحسب القول الشائع " شغله ما تؤّكل خبز. " لأن درس التربية الفنية مفيد للطلاب لمساهمته بتنشيط قدرات التلاميذ الخيالية والعقلية وتحفيز طاقاتهم الكامنة على العمل.

كما أن هذه الدوافع لدى الطلاب ترفع من قدراتهم الخيالية وتوسع آفاق تفكيرهم حين يسبح بعوالمه ورغباته التي يعجز عن تحقيقيها وإدراكها، وهذا يدفعه بالتالي في التركيز على قضايا الحياة ومظاهرها، حين يهتم الطلاب بها كمواضيع لأعمالهم الفنية. وهذا بدوره سيساعدهم على اكتساب معلومات جديدة، ويستطيع الطلاب الصغار تعلم الكثير، عن طريق رسمهم لمواضيع مختلفة، سيساعدهم على معرفة تلك المواضيع، مثلا لو رسم مستشفى طبعا سيرسم الأطباء والممرضات والمرضى الخ. وعن طريق هذا الرسم سيعرف الكثير مما يحدث في المستشفى. ولو رسم بستان أو حديقة وبما فيهما من أشجار ونخيل وزهور ملونة وحشائش خضراء وسماء زرقاء وشمس ساطعة أو رسم البحر وأمواجه وزبده والسماء والغيوم والطيور المتنوعة والملونة، وكذلك بتصويره للسوق والشارع والمقهى. فهذا سيزيد من قدرت الطفل المعرفية وسيربي لديه الاحساس باللون وجماله وتناسق الاشياء وروعتها. وهكذا بالنسبة لغيرها من المواضيع فهي ستختلف نوعيتها ومواضيعها، حسب السن ونوع اهتمامه ووعيه الثقافي والمعرفي، وهذا كذلك سوف ينشط عنده ملكة الخيال وتتسع أفاق إدراكه.

لأن دور الفن في الحياة الاجتماعية كبير جداً. فهو يساعد الناس على إدراك العالم بصورة أحسن. أما دوره المعرفي فيكمن في ان الناس، عبر صور فنية معينة رسمها الفنان أو الأديب، يستوعبون على نحو أعمق وأتم، الظرف التاريخي الملموس والعلاقات الاجتماعية والمصالح السياسية والثقافية، وتربية الحس البصري والتذوق الفني، وتنشيط المخيلة وتوسيع الأفق المعرفي.

أن التنافس والصراع بين الآخرين، يكون من خلال دوافع، لأن الحقيقة الكامنة وراء الصراع الانساني تتمثل لديه في الرغبة بالتأكيد على الذات والمعنى. كما أن رغبة كل إنسان هي في الظهور بقدر الإمكان. وبما أن أراء الناس تؤثر في الطريقة التي ننظر بها الى أنفسنا، فنحن نحاول أن نحتفظ بقناعتنا الذاتية عن طريق كسب احترامهم أو صداقتهم. بينما نجد أن الفنان يتجاوز آراء الناس وإرضائهم بهذا الشكل، بل ينبغي احترام وفهم اختياره وفنه وموضوعه وكيف عالج هذا الموضوع.

أن طبيعة الوعي الفني في جميع الأحوال هو إفصاح أو بلاغة، لابد لها أن تأخذ طريقها الى العالم، والى المشاهد أو المتلقي في العالم. فإذا كان باستطاعتنا أن نكون حقيقيين في الفن فلماذا لا نحاول أن نعبر عن الحقيقة فيه بواسطة ذواتنا؟ وباختصار أن ما يدفع الانسان للكتابة أو الرسم هو استطاعته أن يكون كاتباً أو رساماً لا أن يخدم الرسم بالكتابة أو الكتابة بالرسم. فعلى الفنان أذن أن يستعمل جميع طاقاته أن أمكن لكي يحقق حضوره، بل أقصى حضوره في العالم، أي أن يتصل بالكون من شتى منافذه، فيبذل بذلك أقصى جهده للوصول فيه لما يبتغي. أن الرصيد الحقيقي للإنسان هو حريته، والكشف عن معنى الحرية في العمل الفني هو الضمان الحقيقي لإنسانية الفنان.

لذلك من الضروري الاهتمام بدراسة الفنون وزيادة المساحة والزمن الذي تمارس فيها هذه الفنون وتنمية تذوقه الفني وأقامت النشاطات المدرسية لكي يشعر باحترام قيمة المنجز للطالب بجانب الاهتمام بمجال العلوم والمهتمين بها من الطلبة. وأن هذه الرعاية ستولد لدى الأفراد زيادة في التحفيز للعمل والاحساس بقيمته الإنسانية والشعور بالمسؤولية.

فنانون عراقيون في مجموعة متحف فرحات

ليلى كبة

Leila Kubba , Farhat Art Museum Collection


محمد السعدون
Mohamad Al Sadoun, Farhat Art Museum


حسن المسعود

Hassan Massoudy , Farhat Art Museum collection


كاظم النوير 

Kazem Nuwer , Farhat Art Museum Collection


Wednesday, April 4, 2012

Raouf Rifai "LUDISMES TRAGIQUES" par Alain TASSO


LUDISMES TRAGIQUES
par Alain TASSO

Darwish par Raouf Rifai , Collection de Musee FARHAT
  

à la lumière de ce qui fut, arbres tranquilles de vie,

étoiles engoncées dans l’obole du rien

                                                         
C’est le pur senti que Raouf Rifaï écrit dans ses toiles, dédicace pour une société qu’il voudrait absolument impétrante de ses couleurs. Messages ultimes au milieu de la déshérence temporelle, dans des monologues riches d’austérité ! Le peintre est tout à fait conscient des dangers irréversibles de l’homme de la Terre, de plus en plus archaïque et qui n’a plus la possibilité de voir, ni de ressentir, ni même de se retrouver dans ses propres sensibles humains. Homme qui devient pour ainsi dire sous l’énorme enclume  de la technologie et de  ses propres égoïsmes – bien avant toute chose - et surtout  imbriqué dans un vent fuligineux et  barbelé.



Abjuration du tout humain, les avatars pernicieux…
 Le peintre, encore une fois, est tout à fait conscient de l’explosion subversive vu qu’il refuse l’autodestruction du sensible.
C’est alors qu’il met  en scènes ses dernières tentatives, toujours renouvelées.
Proposés aux improbables dialogues, les personnages de ses tableaux, ainsi que leurs formes désarticulées, se nourrissent de traditions et de costumes populaires, dans un incessant retour aux vicissitudes, sans lequel le présent n’a aucune raison d’être.


Darwish par Raouf Rifai , Collection de Musee FARHAT



Chaque cliché est un départ, ce long chemin balisé et jonché de nopals, de chardons, mais tout en "couleurs" ! ? C’est le cri du cœur dans le pleur du pinceau qui interpelle l’esprit aveugle, afin de recouvrer la vision. Chaque cliché est un nouveau départ, prolégomènes aux interprétations multiples.

Le personnage fétiche du peintre est un "darwiche", nullement une émanation de nature spirituelle soufie. L’étymologie du mot est exhumée ici-même du langage vernaculaire oriental, l’image authentique de l’homme du quotidien, en perpétuelle mutation des saisons de son propre monde… Un "darwiche" toujours esseulé, homme simple de  tous les jours, en même temps  miroir d’une société contemporaine dérisoire, reflétant les changements géographiques et socio-politiques. Il est placé dans l’univers tragique du grand cirque fugace de la vie. Cependant, ses émanations eschatologiques, dans les cas que l’on espère les plus probables, se veulent une nouvelle humanisation d’un monde, complètement  indifférent.

L'artist Raouf RIFAI

Peu de lumière tant les nuages s’amoncellent dans ce travail qui porte - drôle de coïncidence bienheureuse dans
« l’art » vénal d’aujourd’hui – tous les éléments de la vie, cohabitant dans des toiles aussi bien expressionnistes que Cobra, en des explosions tragiques !     

L’homme est présenté ici dans ses valeurs axiologiques, certes, mais en déréliction, rafistolé et  éventré. Des momies macabres, des squelettes malades et en agonie se dévoilent là où l’aube pointe encore une fois ?

Dans son expressionnisme le plus virulent, le peintre trace des rayons virtuels de soleils fragiles, dans les non-dits de sa toile.
Il y a du ludique chez Raouf Rifaï.  Il y a surtout du sensible au bord des syrtes désertes. L’être humain est en premier et dernier lieux, son principal souci, dans des considérations verticales vers l’espace épuré de liberté.

PA-RA-DIS  ( prix Sursock 2011) par Raouf RIFAI , Collection Musee FARHAT