Thursday, December 29, 2011

الهجانة الخصبة في فن برندا لوي , بقلم د.فريد الزاهي


برندا لوي , مجموعة متحف فرحات


حين ارتحلت براندا لوي (من مواليد 1953) من الصين إلى الولايات المتحدة كانت تعلم علم اليقين أنها ستجد في التلاقح بين تكوينها الآسيوي والحضارة الجديدة مرتعا لطموحاتها الفنية المتعددة. فهذه الفنانة قد أضافت إلى تكوينها الأولي في بلادها في مجالي الخط الصيني (على يد أبيها العلامة والخطاط الشهير لوي سيو شونغ) وفي مجال الرسم تكوينات متعددة لم تنته إلا وقد جاوزت الأربعين. هذا التكوين المستمر على يد أشهر الأساتذة في جامعة دولة كاليفورنيا، ثم بجامعةستاندفورد، كان أيضا تكوينا متعددا ومتجددا، الأمر الذي جعلها لا تكتفي بالتقليد الصيني المتمثل بالرسم بالحبر أو الألوان المائية بل تتجاوزه إلى التشكيل المسندي المعاصر واللعب بالمواد الصباغية، بل إلى المنشآت الفنية installations  من حيث هي علائم جديدة في التعبير التشكيلي المعاصر.
لقد وجدت براندا لوي في أعمال الفنان الأمريكي الشهير مارك طوبي مرتكزا شرعيا لتأسيس نظرتها الفنية وأسلوبها الخاص. فهذا الفنان كان قد درس منذ ثلاثينيات القرن الماضي الخط الصيني والياباني واستوحاه بطرائق تشكيلية مبتكرة في "كتابته البيضاء" جعلت أسلوبه يكون ذا أثر واضح في التعبيرية التجريدية لدى جاكسون بولوك. كما أن أعمال الفنان الأمريكي برايس ماردن في تعاملها الحر والشخصي مع هذا الإرث البصري العالمي قد أكد لها أن الاستيحاء "الاستشراقي" إن كان تجربة غيرية فإن الاستيحاء الشرقي نداء للهوية كي تمتح من ذاتها وتضفي طابعا معاصرة على ممارسة تشكيلية ذات هجانة خصيبة.

برندا لوي , مجموعة متحف فرحات
تظل الفنانة وفية لشغفها بالخط. تستعمله تارة في شكله الأصل باعتباره علائم لغوية تستنطق فيها جسد الحرف من غير تعلق تقاليد "الحروفية" الصينية، ومن غير أن تنصهر في قوانين الكتابة الخطية وفنونها العتيقة. هذا الولع بالخط يتحول لديها إلى ذريعة للممارسة التشكيلية. إنها تفجره تفجيرا، وتجرده تجريدا. والتجريد في اللغة العربية تعرية الجسد مما يغلفه. أي تحويل الجسد إلى أثر. هذا بالضبط ما تبتغيه رندا لوي في عملية مزدوجة: تحويل الخط المقروء إلى وشم بصري مجرد مما يمكن أن يعنيه، وتحويله إلى فضاء تجريدي بالمعنى التشكيلي لهذا المصطلح.
من هنا يكون مدخلنا للعالم الآسر للفنانة. ذلك أن العملية الإبداعية لديها تمر من خلال إعادة تأويل الخط وإعادة تشكيله كي يغدو مادة شكلية وبصرية يمكنها من أن تستعملها على هواها في رسم معالم عالمها الفني. تقول الفنانة في ذلك: "إن عملي يسعى إلى إضاءة ماض كوني عبر الإبداع المتجدد للرموز الدالة على تجربة خصوصية. ففي أعمالي الأولى، قدمت الخط التصويري باعتباره مادة رمزية في لوحاتي. وهذه الخطوط صارت أيقونات فريدة غير صالحة في سياق لساني معين. وقد استعملت التكرار في هذه العملية. وهذا التكرار حطم الكتابة ليدفنها وينبشها في اللوحة".

برندا لوي , مجموعة متحف فرحات

من ثم فإن تحويل الخط في مقروئيته إلى آثار يحرر الخط من المعنى القبلي ويحرر الفنانة من قواعد الخط المتوارثة ويحررها من الانتماء لهوية متحجرة لا تتطور. ففي سلسلة يمكن أن نطلق عليها الحدائق المتخيلة تستعمل اللمسة الخطية البيضاء بأشكال متواشجة ومتراكبة ومتداخلة على خلفية متدرجة الألوان تتراقص حاضنة ما يشبه المركز المخضر الذي يمكن أن يشكل موطن النبتة. هذه الكتابة البيضاء، التي تذكر بشكل واضح بالكتابة البيضاء كما اعتمدها مارك طوبي، تعلن عن امتلاك تعبيري تجريدي للمعطى الكتابي وتتعامل معه بحرية حركية لها نظامها الداخلي.
إن هذا المنحى التعبيري هو الذي نجده في سلسلة أخرى تمعن فيها الفنانة في الإحالة إلى الخط وفي الانزياح عن معطياته في الآن نفسه. يتعلق الأمر باستعمال اللون الأسود (في تلميح للحبر الصيني). إنها لوحات أحادية اللون تتحول فيها العلامات إلى نباتات وأشكال عمودية. وفي ذلك كما في سلسلة أخرى سنتعرض لها لاحقا، تعبر عن تملك عميق للإرث الخطي الصيني وعن رغبة جامحة في تحويله إلى مطية للتعبيرات الأكثر توترا والأكثر تعبيرية. فالسواد هنا يتجاوز دلالة الحبر الصيني ليغدو أفقا وسماء للوحة وللحساسية الجديدة التي تبلورها الفنانة من خلال إعادة ابتكار الطبيعة والمرئي. وهو ابتكار يتم من خلال التركيب بين الأحجام والخلفيات بحيث نجد أنفسنا أمام شاشات تخلق منظورا يرتع فيه بصرنا وكأنه في حديقة مجازية متخيلة رسمت ليلا. واللوحة تغدو مجالا للتركيب أيضا إذ تلصق بها الفنانة مستطيلات بيضاء وحمراء، مليئة وفارغة، خالقة في جسد اللوحة إيقاعا ثنائيا تتمكن من خلاله من المزاوجة بين الفراغات المليئة والامتلاء الفارغ. إنها فلسفة الفراغ تجد هنا مجالا جديدا للتبلور. والفراغ كما نعلم هو راحة المعنى ومنتهاه، وأوج الفكر والإحساس حين يصل من خلال التأمل إلى استبطان المرئي وتحويل فوضاه إلى حركة منتظمة...


برندا لوي , مجموعة متحف فرحات

تجربة براندا لوي ضرب من السياحة الفنية في عوالم المتخيل. إنها تجرب كافة الأحجام والأسندة. ففي أعمال كثيرة تستعمل اللويحات وتصفها في شكل منشآت تشكيلية تتراصف فيها وتتجاور التنويعات على الزهرة أو على القناع أو على موتيفات أخرى مغايرة. هذا الاختيار يجعل من كل معرض لها مسرحة يتحرك فيها بصر المشاهد بين التركيبة المتعددة للويحات واللوحات الهائلة والمنشآت التي تتوسط قاعة العرض. وكأن الفنانة بذلك تخلق سمفونية بصرية تجعل المتلقي يتابع إيقاع تنويعاتها على الموضوع الواحد. ثمة أيضا لدى الفنانة لوحات تعبيرية كلية تتخلى فيها عن دقة أشكالها وتناسجها الذي يشبه الألياف لتنساق وراء اللطخات المكبرة التي تنساب في كل الاتجاهات بحرية إيقاعية أشبه بالوجد الصوفي، خالقة ما يشبه الوجوه والأشكال غير المتحدد.
بيد أن ثمة أعمالا تكاد تنزاح بهذه التجريدية الصارمة إلى نوع من التعبيرية التشخيصية. تلك هي سلسلة الأقنعة/ الرؤوس التي تتحول أحيانا إلى منشأة في اللوحة نفسها، بحيث يغدو الوجه مجالا لاستقبال كافة المواد التي تخترقه وتعيد تشكيله جغرافيته البصرية. إنها وجوه تكاد تفقد هويتها لتتحول إلى مجرد مجال يستقبل دكانة الألوان والأحاسيس العنيفة المتبركنة. وهذه الأعمال ذات الطابع المأساوي النقدي تقابلها أعمال أخرى نرى فيها ما يشبه الجسد الإنساني وقد زجت يه الفنان في لجة المواد المندلقة بحرارة لونية تنبئ عن فكر وقاد ونقاّد. إنها لوحات تنقلنا من الحدائق الخيالة وأجوائها المرحة إلى أجواء وأعماق منشرخة ومتجللة بنظرة مأساوية للعالم.

برندا لوي , مجموعة متحف فرحات

هكذا يجد المتجول في عالم برندا لوي نفسه مشدودا إلى وجهات متعددة. فهي فنانة تنتقل من تجربة لأخرى بعد أن تستنفد فحواها. وتقود نفسها عبر متاهات تجربة تشكيلية تتحول فيها اللوحة أحيانا إلى مجال يغص بالعلامات والرموز والألوان والأشكال بحيث نخالها وصيتها الأخيرة. هذا الطابع الانفجاري الطافح لدى الفنانة يجعلنا ننشد معها إلى مغاور متخيلها الكثيف. وهي كثافة تفصح عن نظرة متعددة ومتجددة للعالم، وعن قدرة على تحويل مفارقة الذات والعالم إلى مجال لتفجير الأحاسيس بكل الوسائط المتوفرة لديها، من حركية تعبيرية وتشخيصية مأساوية وخطية مؤسلبة، جاعلة منا نستجيب لجماليتها الناتئة ولشظاياها الرائقة أحيانا والعنيفة أخرى...

د. فريد الزاهي
ناقد فني. المغرب



Saturday, December 24, 2011

محمد شمس الدين , فتنة الحرف , بقلم الناقد الدكتور فريد الزاهي

محمد شمس الدين


لو قدر لمحمد شمس الدين أن لا يكون فنانا تشكيليا لكان شاعرا أو كاتبا. ذلكم هو الإحساس الذي اعتراني وأنا أضع بصري على مجموعة اللوحات التي تنتمي لمتحف فرحات. إنه إحساس ينبع من الفتنة الآسرة التي تمارسها اللغة الأدبية على الفنان إلى الحد الذي يكرس لها اهتمامه بنوع من العشق الدفين الذي تتآلف فيه كتابات الآخرين مع تموجات اللون والشكل.

في العلاقة التشكيلية التي يقيمها الفنان مع محمود درويش تتبدى هذه الفتنة في شكلها اللانهائي إلى درجة تكاد فيه مقطوعات الشاعر تسيطر على اللوحة وتمنحها نسغها الفني. فالتوازي بين القصيدة المخطوطة بخط الفنان وبين فضاء التماهي البصري التشكيلي يكاد يكون تاما إلى الحد الذي نحس معه أن اللوحة ترزح تحت ثقل القصيدة في حضرة بورتريه محمود درويش الذي يفصل بين الفضاءين. فضاء القصيدة وهو يندرج في التملك الفني يظل عموديا، معاندا لشهوة اللوحة، يكاد يتنصل منها ويكاد يجترح لنفسه فيها نوعا من السلطة الشامخة. تحتضن اللوحة القصيدة بتأطيرها بمساحات تتعامد فيها المقاصد البصرية. تسعى جاهدة لاحتوائها واستبطانها. تدخل معها في لعبة مرآوية أشبه بالتصادي الحي، تنعكس فيها ومعها، تحضنها وتعانقها، جاعلة من أشلائها موطنا لتراصف كلماتها ووقع رجْعها.


محمد شمس الدين 

لا تسعى هذه اللوحات إلى تأويل القصيدة كلية أو تمثلها وإنما إلى إقامة حوار معها يتحول إلى جوار يتطلبها. وكأن الفنان يستحضر القصيدة ليضعها في موضع النفس، وليحتفي بها في عنفوان حضورها لا في غيابها التأويلي. إنه يجعل منها مكونا معلنا للوحته. ثمة لوحة تسترعي الانتباه بانزياحها عن هذا الاختيار الذي يبدو اختيارا غرافيكيا أكثر منه تشكيليا. هذه اللوحة تستدعي القصيدة بشكل شذري، تلاعبها في كينونتها وتستحضرها في رقصتها داخل اللوحة. إنها تتمثل فيها عنفها وعنفوانها وتتملى في تقاطيع جسدها لتتماوج فيها ومعها. رقصة القصيدة هنا إيقاع جديد يستهوي اللوحة فيحرك سكونيتها ويهيج أوار سعيرها الداخلي، فتموج أبيات القصيدة وحروفها وتشتعل بالرغبة في مراقصة المساحة والألوان. هي الألوان نفسها، لكنها هنا تنفجر حركية وتعبيرية وتلامس القصيدة بما يشبه الرغبة الجامحة في احتوائها. هذه اللوحة تأويل بصري يستدعي الحرف والكلمة والبيت الشعري كي يجعل من الاستحضار ذاك لحظة تفاعل تشكيلي بصري لا توجد فيه القصيدة إلا باعتبارها منطلقا لا هدفا. فيتحول الاحتفاء إلى تملُّك مزدوج للقصيدة وللنفَس الشعري، ويتحول محمود درويش إلى لوحة تترجم ما لا تقوله القصيدة إلا لفظا.

شغف محمد شمس الدين بالمكتوب يجعله يغامر في العوالم الحكائية الأخروية لأبي العلاء المعري. ولعمري إنها لتجربة جديرة بالاهتمام، من حيث إن رسالة الغفران فريدة بتناولها لمواضيع متميزة في التراث العربي، ولأنها تشخص اللامشخص وتمرئي اللامرئي. أليس ذلك هو بشكل ما مبتغى الفن كما عبر عن ذلك بول كلي من قرن خلا؟

تستدعي اللوحة بعض المقاطع الحكائية من رسالة الغفران في اللوحة لتمارس عليها ضربا من الانقطاع. تقتطعها اقتطاعا لتجعل منها ذريعة لضرب من الحكي المجرد التشكيلي. فالفنان لا يرغب في أن يكون نصه البصري تشخيصا غرافيكيا illustration للنص الكتابي، وإلا صار التوازي الذي تحدثنا عنه كمواربة من قبل ضربا من الحوار الخارجي. بل يسعى إلى أن يكون النصان أحدهما صدى للآخر في تواجه مباشر يتم تبعا لحركة تتبنى الدائرة باعتبارها، كما يقول ابن عربي، دائرة حضرة الوجود. إنها لعبة الحياة والموت في طابعها الدائري اللانهائي، وكأن اللوحة تجلي كيانها في كيان القول الانبعاثي.

إن تجربة التعامل مع التراث العربي والمتخيل الأخروي الحكائي فيها يفتح تجربة الفنان على ممكنات جديدة مخصبة تمنح لتخييلية الفن منفتحات عمودية وأفقية: عمودية بما تتيحه له من التجوال في المتخيل التراثي العربي قديما وحاضرا، وأفقيا لأنها تخرجه من مدار الحروفية وتهويماتها الهويانية التي تجعل منها في غالب الأحيان تقدم التجربة التشكيلية في زخمها وغناها قربانا لقدسية الحرف. ما يبتغيه محمد شمس الدين هو تمكين التجربة التشكيلية من الانفتاح التناصي على متخيلات مغايرة لخلق تواشجات شخصية تعبر عن اختيارات متعددة. إن همه الوحيد على ما يبدو لي هو الغوص في آخر الفن التشكيلي لخلق تعاضدات جديدة تمكنه من تجديد الفعل التشكيلي. وفي هذه بالضبط تكمن خصوبة تجربته وصعوبتها في الآن نفسه. وتأتي الصعوبة من توكيد قدرة الفنان على الإقناع بالاختيارات الفكرية والجمالية والتقنية للوحة ومدى قدرتها على السير بهذه التعالقات واللقاءات إلى ما يجعلها مقنعة فنية.

ولعل أكثر هذه التجارب إقناعا في رأيي هي تلك التي يستوحي فيها الفنان التجربة السحرية الطلسمية، سواء في ممكناتها التعبيرية أم في غرابتها وعلاقتها بالرسم الرمزي الواضح منه والمستغلق على الأفهام. والطلسمات التي يبدو أن الفنان استقاها من الكتابات المعروفة للسيوطي كالرحمة في الطب والحكمة، وشمس المعارف الكبرى للبوني، والتي لا تزال تتداول في محيطنا الشعبي بهذا القدر أو ذاك من الأمانة، تبلور متخيلا بصريا (الجداول الرسوم) وعزائم تستنهض الجن والشياطين وتتحدث عن الكنوز وتزعم مداواة جل الأمراض الدفينة منها والظاهرة. وليس هذا الانزلاق لدى الفنان من النص الأدبي الشعري والحكائي إلى النص "الرمزي" سوى بحث عن سر مضاعف: سر الكتابة والرسم، وسر توظيفهما في الفضاء التصويري للوحة. هكذا تتبنى اللوحة الإيقاع السريع والتلغرافي للطلسم والعزيمة والتميمة، فتراها تتخلى عن توزيعها العادي للفضاء لتنحو نحو الخفة والمربعات (وهي أساسية في "النص" الطلسمي" أكثر من الدائرة). هنا تغدو الحروف الكتابية أكثر حرية لأنها تستهدي باللامعنى الذي يسكنها، وتصبح اللمسات أكثر شفافية لأنها تنفتح على الغرابة الإشكالية للنص السحري، وتتآلف المساحات مع ثقوب المعنى التي تسم الخطاب السحري.

نحن إذن هنا أمام ثلاث تجارب تكاملية يتعامل معها الفنان باستعمال الورق والكولاج وبالألوان المائية التي تمكنه من بلورة لوحات حوارية مطبوعة بالتراكب وبالمؤالفة بين الطابع التلويني والخفة أو الكثافة البصرية. ويبدو أن محمد شمس الدين في رحلته الثلاثية هذه يسير نحو استكشاف مفاوز جديدة تكون أقرب إلى مقاصده الجمالية، كان آخرها السحر، وقد يكون رابعها النص الصوفي.
ولم لا؟



د. فريد الزاهي

كاتب وناقد فني. المغرب

Sunday, December 11, 2011

جيراردو غوميز : الغرابة غير المحتملة , بقلم الدكتور فريد الزاهي


الفنان جيراردو غوميز

يكفي أن تقع منا العين على لوحة من لوحات الفنان السلفادوري جيرالدو غوميز كي نقع في فتنة مضاعفة: الجاذبية الكبرى التي تمارسها على المتلقي لوحاته والفتنة السديمية التي تحبل بها أعماله. إنه فنان بالغ التميز لأنه يشتغل في برازخ تاريخ الفن من غير أن ينصاع كليا أو جزئيا لمداراته وتحولاته، صانعا لنفسه لغة تشكيلية خاصة، منها وبها وعبرها يعيد ابتكار العالم ويشرح عنفه ويستشرف آفاقه.
ولأن غوميز فنان عصامي فإنه يبدو وكأنه يمتح من رحم الأمومة وعالمه الخاص مجمل أدواته، بعفوية لا نستطيع تقدير مدى عمقها، وبطلاقة لا يمكن إلا أن نندهش لعنفوانها وبقوة تصيب منا مقاتل الرغبة والعشق. وهو لذلك يقدم لنا عالما غريبا آسرا، يضج بالصور والألوان والكائنات، ويضج بالحكايات والصراخ والعنف. إنه عالم بكل معاني الكلمة ينحته الفنان في فورة هلوساته، معيدا تشكيل الوجوه والأجساد، مازجا بين الواقعي والسوريالي والهذيان المسترسل، زاجا بالمتلقي في لُجّة التحولات، بحيث إننا ما إن ندخل اللوحة حتى نعيش في دوامة من الخطابات البصرية واللغوية التي ترمي بنا في أعماق وعي ولاوعي الفنان، بصخبه وثرثرته ومداراته الحلزونية.

مدارس الفن , مجموعة متحف فرحات


وغوميز فنان متمرد، لا على المجتمع ومشكلاته فقط وإنما أصلا عن الفن. إنه متمرد على طريقة مسرحيي الشارع والفنانين المنبوذين، لأنه يعتبر أن المدرسية في الفن مصنوعة للبلهاء والمعتوهين. وهو لا يعبر عن ذلك فقط ضمنا وإنما في لوحة (مجموعة متحف فرحات) يمنحها هذا العنوان، ساخرا من تاريخ الفن ورموزه. فتراه يمنح لفان جوخ صفة فنان الجدران في الشوارع واضعا بين يديه قنينة رشاشة للألوان، وتراه يجسد الموناليزا في شكل امرأة حولاء تشبه بطابعها الكاريكاتوري امرأة هندية تلبس حذاء بكعب عال... إن هذا الطابع الساخر الذي يطبع أعمال غوميز، يبدأ من الفن نفسه باعتباره فنا جميلا، ليرمي به في سلة المهملات بلامبالاة لا رجعة فيها. إنها سخرية مرحة أحيانا حين تستعمل الطابع الكاريكاتوري لهذا المبتغى وتتطرق بطريقة هجائية لمعطيات سياسية عالمية، ومأساوية أحيانا أخرى حين تلامس قضايا كمأساة سجن أبو غريب (لوحة بالعنوان نفسه، مجموعة متحف فرحات)...

أبو غريب , مجموعة متحف فرحات


وهذه الهجانة هي موطن تبلور أسلوب الفنان. إنها هجانة تشكيلية لأنها تمتح مصادرها من رسوم الشارع ومن فن البوب ومن الواقعية لجديدة ومن السوريالية... وهي أيضا هجانة تعبيرية لأنها تجمع في لوحة واحدة ما يمكن أن يعبر عنه فنان آخر في سلسلة من اللوحات. من ثم تغدو اللوحة موطنا للتقاطعات والتشاكلات والتداخلات والتشرنقات والتحولات المدوخة التي تجعل بصر المتلقي ينتقل من موضوع لآخر من غير سابق إعلام ومن تعبير لآخر ومن أسلوب لآخر في اللوحة نفسها. إن هدف غوميز هو أن يدعونا من البدء للغطس في عالمه مثلما قد نغطس في بركة آسنة لا صفاء فيها فنلاقي فيها سقط متاع الطبيعة والبشر وقد أخذت صورا مغايرة. وهو بذلك يجعلنا تدريجيا نستأنس بكائناته الكابوسية التي تمارس التشويه والتحويل على كل ما نملكه في ذاكرتنا البصرية من شخصيات سياسية عالمية ومن رموز بصرية (دوناد، ميكي ماوس...) ومن رموز "حضارية". كل شيء في اللوحة يغدو في خدمة الاحتجاج والتنديد بالحرب وأشكال الاستعباد والتوسع وقهر الشعوب المستضعفة.

جيراردو غوميز ,مجموعة متحف فرحات

ولهذا الغرض لا يتنكف الفنان عن مس رموز كونية كتمثال الحرية. إذ يجسده في وضعية ماجنة مستعرضا ... وجعل بوش في صورة شيطان بقرنين، ودوناد في شكل سفاح... (لوحة الإمبراطورية النشيطة). يلتقط الفنان المتمرد كل شيء ويعبر عنه بطريقة الملصق ويجاور في عالمه بين الكتابة والتصوير. إنه يمزج بين كل المعطيات حتى لتبدو في كثير من الأحيان أشبه بصرخة مجنونة، هو الفنان المعادي للنظام، لذي يجد في الفوضى ضالته الفنية وفي التنديد والاحتجاج طريقه إلى قول ما يمور في بواطنه. لهذا فإن العددي من لوحاته تلاقي الاستهجان من قبل الكثير من الأوساط، لأن الفنان لا يعرف المهادنة ولا يجد نفسه إلا في طريقته المميزة المبنية على المبالغة والتهويل وعلى عدم رسم الحدود الحمراء التي يمكن أن تقف عندها تعبيريته.
ثمة شيء طفولي يفتن المتلقي في هذه اللوحات: إنها تلوينيتها التي تستقيها من عدم تفضيل لون على آخر بحيث تصير اللوحة لديه أشبه ببانوراما لونية لا مجال فيها إلا لحضور الألوان المباشرة ولغياب التلاوين. والفنان بذلك يؤكد الطابع الخام لفنه والذي يتشارك فيه مع أصحاب هذا الاتجاه ومع البوب آرت والفن المتوحش. هذا الطابع الطفولي يبدو مفارقا كل المفارقة للطابع العنيف أحيانا الذي يجعل غوميز لا يتوانى في التركيب والتهجين لقول ما يمور في دواخله. فهو يلصق مثلا شارة النازية ووضعيتها لقادرة سياسيين قد لا تصل بنا الجرأة السياسية العقلانية لأن نتهمهم بذلك.



هذه المبالغة هي ضرب من التفخيم، وهي الخصيصة التي تتميز بها أعمال هذا الفنان المشاغب شكلا ومضمونا بحيث تنطبع أعماله الأخيرة بنزوع إلى الكشف لا يتورع فيها عن الدفع بأسلوبه إلى حدوده التعبيرية القصوى، كالجمجمة التي تخرج منها الكائنات الهلامية والجسم المسلوخ الذي يحتل وسط اللوحة وتتبدى منه العضلات في عرائها القاهر... وكأننا بالفنان، وهو يتابع تطوير أسلوبه المركب هذا، يدعونا إلى أن نتبنى معه المنظور التالي: لا حقيقة فنية وتعبيرية إلا في مباشرتها الآسرة، ولا مباشرة إلا في تنويع المنظور وتخييل الموضوع، ولا موضوع إلا منظورا إليه من جميع جوانبه.
لهذا فهذه الأعمال وهي تتناول موضوعات متعددة في لوحة واحدة تقوم بالربط بينها بما يشبه الحبل السري، أي من خلال تركيبات متواترة ومتغيرة، بحيث يتجاور الموضوع السياسي العالمي مع التعبير الشخصي الذاتي مع كل ما يمور في ذات الفنان.
يستوحي غوميز في هذا الأسلوب طرائق فن الجداريات كما تبلورت في المكسيك وغيرها منذ القرن الماضي وفي ذلك الارتباط الخصب والحي بين الفن والتعبير السياسي. إنه يكمل سلالة قلة من الفنانين العالم ثالثيين الذين لم تستهوهم السوق ورهافة الفنون الجميلة فانساقوا وراء سليقتهم الفنية ليذكّرونا بأن الفن ليس فقط متعة جمالية وإنما موطنا أيضا للرغبة السياسية الجامحة وللتمرد. فاللوحة أيضا ميدان للاحتجاج ضد الظلم في مختلف مظاهره، وضد الحرب وأهوالها، والاضطهاد وكوارثه، وهي تشرع أبوابها لهذه الأحاسيس الجماعية كي تجد فيها موطنا خصوصيا ينبض بالحيوية وبالمتعة الهادفة.

د. فريد الزاهي
كاتب وناقد فني. المغرب
  

Saturday, December 3, 2011

مروان طحطح.. عين ترى الفرح وتفرح لرؤيته

مروان طحطح.. عين ترى الفرح وتفرح لرؤيته
 أورنيللا عنتر02/12/2011

مروان طحطح

على الرغم من أن إشارة سير تتيح الاتجاهين قد تبدو لك غير مفيدة، لكنك مع ذلك، تقف أمامها حائرا. إشارة سير تتيح لك الاتجاهين، اتجاه مجهول لا تحتضنه الصورة، وآخر لا يحمل إلاّ آثار حرب مضت. ومع ذلك، كلّ من الاتجاهين متاح. لكن الخيارات ليست دائما متاحة، كما في هذه الإشارة. لكي تهب وجهها للبحر، تضطر امرأة محجبّة لأن تدير ظهرها لكلّ ما لا يلتقي مع زرقة البحر. لكي يقف بشموخه أمام وجه من بيروت، يدير تمثال ريّاض الصلح ظهره لوجه آخر من المدينة. قلّما تسمح لنا الحياة أن نأخذ نحن فقط. لنا حصّتنا، ولها حصّتها منّا.سجّادة حمراء هي سجّادة حمراء، هذا كلّ ما في الأمر. أما سجّادة حمراء وقدمان صغيرتان أنهكهما السير حافيتين في أحياء المنطقة، فلا يمكن إلا أن تكون سجّادة صلاة. لكنّها، في مشهد آخر، قد تصلح لأن تكون سجّادة في غرفة الجلوس، ترافقها رجلان صغيرتان لصبيّ يشاهد الرسوم المتحرّكة. وفي كل مشهد شيء من القدسيّة.سلسلة فضيّة حول عنق امرأة. حذاء أسود رفيع الكعب وقدمان عاريتان. بعض الحميميّة لا تفضحها إلا الأجزاء. الأجزاء فقط.أحد لم يسألها رأيها.

مروان طحطح


 لكنها، في تلك اللحظة، لم تمانع. النحّات الذي قرر تعرية منحوتته والكشف عن نهديها لم يفكّر أنها، خارج محترفه، ربما تشعر بالخجل. على درج مار نقولا في الجميزة، رفعت المنحوتة يدها وسترت بعض عريها.الإشارة والسجادة والفتاة العارية وغيرها الكثير تفاصيل التقطتها عدسة المصور الصحافي مروان طحطح في أنحاء مختلفة من المدينة، لينقلها لاحقا إلى معرض "Out of Focus"، الذي يستمر لغاية السابع من كانون الأول الجاري، في مبنى "كونكورد" في بيروت.بدأ مروان طحطح عمله كمصوّر صحافي في جرائد ومجلّات لبنانية عدة، ليلتحق بالزميلة "الأخبار" عام 2006، حيث لا يزال يعمل حتى اليوم. شارك مروان في العديد من المعارض الجماعية، لكن "Out of Focus" هو معرضه الفرديّ الأول. عندما خطرت فكرة المعرض على باله، كان من المفترض أن يلتقط بعدسته تفاصيل حياة يوميّة. لكن الفكرة توسعت شيئا فشيئا لتحتوي صوره على "شطحات"، كما يسمّيها هو.بحسب مروان، لا يتبنّى معرضه موضوعا معيّنا بقدر ما هو مجموعة قصص: "كل ثلاث صور أو أربعة هنّي مع بعضهم قصة". أما التسمية، Out of Focus فاختارها لأن معرضه يخرج عمّا هو مألوف بالنسبة له، أي بالنسبة لمروان طحطح المصوّر الصحافي. برأيه، عين المصوّر الصحافي قادرة أيضا على التقاط الفن أينما وجد وكيفما وجد. هذه العين لا تلتقط الحرب والمآسي فقط، بل هي أيضا عين ترى الفرح وتفرح لرؤيته. ويشرح: "بكون عم صوّر تظاهرة بيمرق شي صغير، ما خصّو بالمظاهرة، بلتقطه".أما عن مكان العرض، في الطابق السابع عشر في مبنى الكونكورد، فيشرح مروان أنه اختاره لوقوعه في قلب بيروت، في مكان "حقيقيّ": يطّل على الباطون الذي غالبا ما يتصف بالبشاعة، ويطّل على البحر أيضاً. و"بين البحر والباطون، أنا بشوف الشي الحلو والشي الحقيقي".   
http://shabab.assafir.com/Article.aspx?ArticleId=5379&ref=1

Sunday, November 20, 2011

عرقسوس في خان الصابون! بقلم هاني نعيم

علي سيف الدين , مجموعة البنك اللبناني للصورة

هاني نعيم
قد لا يتكرّر هذا المشهد إلاّ في مدن معدودة. لكنه كثيراً ما سجّل في مدينة طرابلس التي تستمرّ في الحياة بطريقتها الخاصة.

وقد تبدو الصورة مألوفة بالنسبة إلى كثيرين، في حين أن آخرين كثر أيضاً قد يظنّون بأنها التقطت في ستينيّات أو سبعينيّات القرن الماضي، باعتبار أن هذا المشهد لا يُذكّر إلا بالزمن القديم. ولعلّ أبرز ما يدل على ذلك، هو بائع العرقسوس. ملابسه التقليديّة إلى حدّ ما. السوق الذي يبدو عتيقاً. الازدحام الذي يضج بالحرارة.. والليف الخشن الطبيعي الذي أصبح محدود الانتشار في مراكز التسوّق وقد استبدل بالليف المصنع .
في الواقع، الصورة ليست قديمة قدر المتوقّع. وقد التقطتها عدسة المصّور علي سيف الدين في خان الصابون في مدينة طرابلس، عام 2003. هي توثّق إلى حدّ ما أحد المشاهد اليوميّة للمدينة التي لم تنهشها الحداثة بعد، والتي حافظت على خصوصيّتها على الرغم من التحوّلات التي تشهدها المدن في كل بقاع العالم.
فطرابلس تعتبر واحدة من أكثر المدن محافظة على طابعها التراثي. أسواقها ما زالت نابضة بالروح القديمة، من سوق النحّاسين والصياغين (سوق الصاغة، للذهب والمجوهرات) مروراً بسوق البازركان (سوق الأقمشة) وسوق حراج وهو السوق المسقوف الوحيد في المدينة، وصولاً إلى سوق الكندرجيّة (محلات بيع الملابس) الذي يُعدّ الأكثر ازدحاماً وسوق العطارين (سوق العطارة). هنا، المهن اليدويّة والحرفيّة ما زالت حيّة تقاوم الغزو الصناعي.
وتأتي هذه الأسواق إلى جانب الخانات التي تقع في وسط المدينة والتي تشكّل مركزاً اقتصادياً وتجارياً لها، إذ تعتبر مواقع لبيع وشراء وتخزين البضائع. أما أبرز، وربّما أقدم، هذه الخانات، فهو خان الصابون حيث التقطت هذه الصورة.
يعود تاريخ خان الصابون الذي يعرف أيضاً بإسم "خان العضيمي" إلى عام 1480، حيث كان يستخدمه الجيش العثماني كثكنة عسكريّة. لكن، وبطلب من سكان المدينة المحليّين، تم تحويله إلى مصنع ومتجر للصابون. وهو ما زال يُنتج حتى يومنا هذا حوالى 400 صنف من الصابون. ويصنف ذلك كإحدى أقدم وأشهر الحرف التي عُرف بها سكان طرابلس على مدى آلاف السنين.
أما بائع العرقسوس الذي يحمل إبريقه وطاساته النحاسيّة، فيعرفه بالإسم أصحاب المحلات التجاريّة وسكّان المدينة. نجده حيث تكون الحركة.. حيث الناس. لذا لن يُضيّعه أحد. هو هنا، وهناك. يتجوّل في الأسواق والخانات المزدحمة بالناس ويروي عطشهم بطريقته الخاصة.. بكأس من العرقسوس البارد الذي يتمتّع بفوائد صحيّة مختلفة. فيُضفي على المشهد اليومي حميميّة خاصة، بشكله ونبرته وملامحه التي تشبه إلى حدّ بعيد ملامح المدينة.
وبيع العرقسوس من المهن التي كانت تتناقلها العائلات أباً عن جدّ، وهي اليوم مهدّدة بالإندثار كغيرها من المهن اليدويّة والحرفيّة. فهذا المشروب الذي يستوجب تحضيره نهاراً كاملاً وطريقة محددة جداً، يمكن لأي كان أن يحضّره اليوم عبر شراء بودرة جاهزة من أي محل تجاري. لكنه يبدو أن هذه المهنة لن تندثر في الآونة القريبة، خصوصاً وأن مدينة طرابلس ما زالت مستغرقة في تراثها كواقع تحياه وليس كماضٍ سحيق تعرضه في المتحف .

Tuesday, October 25, 2011

سطوح تصويرية تعنى بتعبيرية التجريد..في أعمال كاظم نويّر

كاظم النوير , مجموعة متحف فرحات
قدم العقدان الماضيان أسماء مهمة في الحركة التشكيلية العراقية..تأتي أعمالهم من منطقة الغموض في تاريخ الثقافة العراقية طوال سنوات الحرب.. والقتل ..والقلق..أسماء مثل : كريم رسن ..وضياء الخزاعي وفاخر فاخر ..وعاصم عبد ألأميروكاظم نوير ,وأسماء شتى تشي بأسلوبية فردية مؤثرة في فهم حركة التشكيل في العراق الآن . فبعد أن كانت التشكيلات والجماعات تؤسس لأتجاهات جديدة ..تأتي التجارب الحديثة لتقدم أساليب وتجارب فردية مختلفة هي سمـة العمل التشكيلي اليوم حيث تشكل ألأساليب الفردية مصدرا لمفاهيم وجماليات. .وأتجاهات أيضا .
( 1 )
يعود كاظم نويّر الى مرجعيات محلية في أقتناص موتفات وأشكال ورموز أيقونية من محيط خصب وقد يبدو ألأمر شخصيا هذه اللحظة إذا قلت أنني حرصت أن تكون بضعة أعمال من نتاجه ضمن مجموعتي الشخصية من خلال متابعتي لمعارضه وأعماله..وأبرزها لوحة ( حكاية من الديوانية ) ..هنا متن حكائي يوصل تشخيصات ميثولوجية عبر اللون والسطح حيث يتحول البصري الى رمزي والعادي الى مجرّد والظاهري الى جوهري ..فهويستكنه كل داخلي ليظهره عبر علاقات بنائية لاتشي بألمعنى لكنّها تقوّم المعنى بأليماء والرمز ..والتجريد .
أنا لا أحكم على تجربة نوير من ثرائها بل من تنوع أسلوبي حرص ـ كما يبدو ـ أن يكون لصيقا بتجاربه المتعددة..( منذأواسط الثمانينات يشارك في معارض شخصية وجماعية في العراق والعالم حيث توجد مقتنيات من أعماله في مدن شتى/ كان قد أنهى دراسة الدكتوراه والماجستير في اواسط التسعينات / وحاز جوائز عدّة / ويمارس دوره التدريسي في جامعة بابل ) وبرغم التغييرات الكثيرة التي يضفيها الفنان على إسلوبه غير إنه يحرص بقوة لتجسيد خواصّه الفنيّة :
تفتيت خزين الرؤية..وإطلاق إمكانات السطح التصويري على مزج رموز شتى لموضوعات مختلفة بشكل يخدم فكرة واحدة ..وإفراغ عدته البصرية في عمل واحد دون أن يستنفد تلك العدّة. وهو معني ، لتعزيز طاقة التعبيرية في التجريدات المتلاحقة ، من أجل أن يفضي الـــى بنية خاصة ..هي بنيته السردية التي تتكثف فيها الرموز..وتتشظّى الرؤية الى أنساق مفضية الى خطاب اللوحة:المفردة التشكيليّة..المساحة وكتلتها البصرية ..وألأنفعــالالقيد بعي الوظيفة.

كان كاظم نويّر مكثّفـا لمخزوناته ذات الدوافع السوسيولوجية..فهومن بيئة توسطت بين حضارات طينية في الجنوب القريب من الديوانية ..مدينته التي يفرد لها قوة موحية خـاصة
وبين حضارات فخار وخزف في بابل ..ومدارس تصوير في واسط وبغداد في العصور المتأخرة.
وهو في نفس الوقت يلتقط تلك الموتفات التي تضمّها البسط ..وألفرشة ..وألألون التي تفرغها طقوس البيئة ألأجتماعية..دائما هناك ألوان مفرطة في سخونتها ..ودائما هناك ألوان مفرطة في شحونبها ..والحالتان هنا تعبير عن شحنات أنفعالية شاركة الفطرة في تكثيفها من ألأحر الصارخ وتدرجاته الى ألأصفر الصحراوي الشرقي .. هذه التعبيرية التجريدية ـ التي تسم أعمال العديدين ـ عند كاظم نويّر هي عنصر مهم لأعادة خلق مخزون رؤيوي فاجع ..وكبير ومتنوع في حياة أجتماعية يشكل ألأسى مصدر اللون ومصدر البصيرة ومصدر ألأبداع أيضا .

( 2 )
ألأرتجال عند كاظم نوير خاصية أيضا ..فهو معني بألآنيّ ..ومعني بالعادي واليومي ..وفي نفس الوقت يضج بأنفعالات كبرى ..تشتغل على منظومات وعيه ..ولذلك فأن السردية عنده ليست نتاج تلك ألأنفعالات السريعة المفضية الى ألأرتجال ..لأنه في عمله يظهرأرتجالاته المشخصة للجوهر المكثّف..الجوهر المحمّل بتفاعلات الداخل البسيط رغم قوة الوعي ودلالة الرمز..
يعطي باشلار المكان طاقة التأثير خارج الوظيفة حين يشكل المكان البنية الوجدانية للأبداع والتي يصعب فصلها عن أنشغالات الفنان وأعماله بشكل عام ..والبعد المكاني عند كاظم نويّر هو
بعد إحالات وبعد كشف زمني لتسلسل الحدث وتأثيراته في طبيعة المكان .لقد أعتنى في معارضه الشخصية ( 87/88/89/98/2000 ) أن يسمح للتداعيات ..أن تكوّن ميثولوجيا اللوحة ..أليست هي ميثولوجيا العقل المبتكر لطاقات الترميز وألأفراغ في سرديات مطولة تأخذ طبيعتها الملحمية من زمن لاينتهي يأخذ فيه العقل كل إمكانات السرد والبناء..
إنه في خواصه الجمالية يرسل خطابا تصويريا..لايخضع لمنطق متسلسل بل يميل أكثر الى إخضاع السرد للخواص الحكائية..وهو إذ أعتمد ذلك في معارضه الشخصية ـ إذا لم أقل معظمها ـأنما
يفرد خواصّا لحرفته وموقفه في آن معا ..ولكنه في مساهماته في المعارض المشتركة ( من 99 الى 2000 أكثر من خمسة عشر معرضا مشتركا ) يقيم أتساقا مع خواص مجايليه ..أو أنه يميـل
الى ألأتساق الفني في ظهور مشترك لمجموعات تريد أن تظهر موقفا حداثيا ..ورؤية مؤسسة..
ولــكن بأساليب فردية خاصة ترفض النمط وتخرج على قوانين الحداثة . إنه يحاول أن يؤسس فرديته ..كما ألآخر ..ولكنه يتضامن عبر فترات قاسية فيميل الى إظهار تقاربه وتواصله مع أساليب..وتقنيات..وأفكار مجموعات مشغولة في النحت لتعزيز الدور الثقافي للفن التشكيلي في بيئة سياسية وتربوية وأجتماعية تفتقد الى لياقة التقارب والتآلف مع العمل التشكيلي حيث يكون في أفضل ألحوال الفهم التزويقي المسطح لدور الفن التشكيلي ..والرغبة في توظيف التشكسيل
كعنصر وظيفي لايقبل التغريب أو التعارض مع مكونات الحياة المسطحة ..وهذا الموقف ألأجتماعي يعبر ـ منذ زمن ـ عن جهل بألمكونات الحضارية التي تتضامن لبناء الوعي الحديث
وتوكيد بنية العقل وخواصه اليوم .
أن الفنان التشكيلي كاظم نويّر يطرح عمله التشكيلي بكثير من الغموض من أجل خلق جدلية بين طاقة الفن التشكيلي على خلق عناصر الجوهر وتشغيل الوعي وبين المتلقي الذي يفتقر الى إمكانت ساندة لخلق الفهم الحضاري للتشكيل ..وألأمكانية الممكنة لفك دلالات الخطاب التشكيلي وتأثيراته في الحياة الثقافية عمومـا..

فاروق سلوم

Saturday, October 22, 2011

“Book of Zero Series VIII" by Brenda Louie

Artist Statement
“Book of Zero Series VIII”, an art exhibition, University Union Art Gallery, CSUS
by Brenda Louie

My first mixed media art installation, “Reflections on Things at Hand” was sponsored by the University Union Gallery at Sacramento State and received a “New Work Awards Grant” from the Sacramento Metropolitan Arts Commission in 1989. 

More than 20 years later, the University Union Gallery at Sacramento State generously provides me a wonderful new space to showcase my work this in month. Their newly renovated concrete floor is so beautiful that inspires me to create a floor piece. 

I took the opportunity to re-contextualize my pen and ink drawings from 1994-1995, titled “Leaving Home Series,” based on my memories from a child’s bird-eye perspective from the life living in the communist China and British colony, Hong Kong, in the 1950’s”; these drawings are in the collection of Farhat Art Museum. A part of my encaustic pieces from the on-going project “Book of Zero Series”, provoked by the human sufferings from the suppression or oppression endured among those unfortunates daily, all over the world, then and now.   And my newly created floor painting, “the First Red Rectangle Series #01,” plays a role as antidotes yet could be read as a restriction and limitation in human freedom. This act of tapestry weaving process is my attempt to connect points and planes as well as thoughts and vision in more than two decades of art making.

“…..look at the Zero and you see nothing,” writes Robert Kaplan, “but look through it and you will see the world.”

I see silence
I see the voices of silence
I see grace
And I see the grace of resilience



A mixed media art installation – floor
Pen and ink drawings by Brenda Louie on loan from Farhat Art Museum Collection


Director’s Statement
The Book of Zero Series – recent painting and projects



Brenda Louie’s fascination with the number zero as subject matter in visual art corresponds with a general rise of interest in measurement and calculation as conventional forms of valuation. The Book of Zero Series is an ongoing project that engages the circular figure of zero as the artist’s source of imagery, inspiration, and as inquiry into a conundrum.  While the arithmetical symbol of zero denotes an absence of quantity, or a calibration by which the notion of nothing can be marked, Louie sees zero as a point of departure for the equivocation of memory and experience in paintings, painted silkscreen prints, and sculpture.



Zero as a symbol and a figure in measurement represents a qualitative advancement in the mind’s capacity for abstraction. Louie’s zero is prescient to a timely obsession with numerical calculations of loss and gain, a value system of inclusion and exclusion, and zero-sum situations.  Her expressively visceral work, often evocative of biological diagrams and cosmological maps, expands and the mind’s grasp of scale and detail.  The series emphasizes the equivalence between drawing and painting and the tensions between abstraction and representation in the artist’s work.




Louie recognizes the figure zero as a lens through which hindsight and forethought pass.  She links the recession of events into memory with the advancement of present-day occurrences in Book of Zero Series 2004, I-80, a matrix of paintings in sequence of burnt black circles and hot red tones.  The artist looks into lyrical and functional aspects of the symbol subjectively, and philosophically, as a means to record the fluidity of personal memories against shifts in social values through time.  Her sue of a zero as a graphic device forms contour maps in the continuity between distant memories and immediate perceptions.



Robert R. Riley, Director
Richard L. Nelson Gallery & the Fine Arts Collection
Department of Art and Art History
University of California, Davis
U.S.A.
2004

Monday, September 26, 2011

The History of Photogravure - Selections from the Farhat Art Museum Collection

Farhat Art Museum Collection


PHOTOGRAVURE HAS PLAYED AN ESSENTIAL ROLE in the origin and evolution of photography. Its history is inextricably intertwined with the earliest discoveries and pursuits of the medium. While initial interest in photogravure was motivated by an effort to solve technical problems, over time photogravure was practiced for its own distinct merits.

The history of photogravure also parallels the history of photography's struggle to be recognized as a fine art. Photographers like Peter Henry Emerson, Alfred Stieglitz, Alvin Langdon Coburn and Paul Strand made it their mission to open the eyes of the western world to the artistic potential of the medium of photography, and they relied on the supple and rich photogravure process to accomplish this end. Using photogravure they painstakingly produced books, journals and portfolios that enabled larger audiences, for the first time, to see and appreciate the aesthetic and artful capacity of photography. So enamored by the process, these photographers often chose photogravure for their own final prints.

What follows is a brief history of the relationship between the evolution of photogravure, and the art of photography.



Jerusalim - Farhat Art Museum Collection

---------------------------------------------------------------------------------
Joseph-Nicéphore Niépce
AT ITS ORGIN, photography was intimately linked with printmaking. In 1829, ten years before Louis Daguerre announced the invention of photography, he formed a partnership with Joseph-Nicéphore Niépce, who, in turn, had been experimenting with light-sensitive materials since the 1810s. Their efforts were motivated by the desire to make stable fixed images directly from nature, or to make "etchings by light."


Joseph-Nicephore Niepce
Joseph-Nicéphore Niépce
As early as 1814, Niépce had begun experimenting with light-sensitive varnish used in the new art of lithography. His landmark success came 12 years later when he reproduced the engraved portrait of Cardinal d'Amboise from a lithographic plate. To do this, he first coated a pewter plate with Bitumen of Judea (asphaltum), which by its nature is light sensitive. Then he covered the sensitized plate with the original waxed engraving and placed it in sunlight, which hardened the bitumen under the light areas of the image. The plate was then washed with a solvent, which washed away the unexposed areas of the image, and etched in an acid bath. After etching all of the bitumen was removed and the plate was printed with the traditional intaglio method. That same year, Niepce also succeeded making the first camera image showing a view out the window of his house and relying on the same materials and techniques borrowed from etching - bitumen of Judea on a pewter plate. Unfortunately Niépce's death in 1833 left Daguerre to pursue image making alone and, in 1840, he announced that he had developed the photographic process that bears his name. Daguerreotypes were magically precise mirror-like images produced on silver-plated copper. The new medium was quickly and enthusiastically embraced.
Building on Niépce's successes, in the early 1840s Hippolyte-Louis Fizeau modified the process. Fizeau's experimentation was motivated by the desire to make multiple copies of the recently announced daguerreotype, a one-of-a-kind photographic process. While Fizeau met with limited success, eventually his efforts were abandon as William Henry Fox Talbot's reproducible calotype paper photography became widely used.
--------------------------------------------------------------------------------------------------------
William Henry Fox Talbot
TALBOT'S CALOTYPES faced another problem though, that of permanence. In an effort make photographs that would not fade over time, Talbot aggressively pursued photogravure, contributing two new developments to the process.

William Henry Fox Talbot
William Henry Fox Talbot
The first, which he patented in 1852, was his discovery that gelatin treated with potassium bichromate hardened when exposed to light. In subsequent refinements, this material was used as the acid resist in place of Niépce's bitumen. The second, was his recognition that some sort of screen was needed to break up the image area. Niépce's portrait already had a linear structure because it was produced from an engraving, but Talbot's images came directly from nature, and thus required a network of lines, so large etched areas of the plate would hold ink. At first he introduced a gauze mesh (his "photographic veil") that gave the plate a screen pattern over which he laid objects such as fern leaves, before exposing them to light. However, in 1858 he patented an improved technique of dusting the plate with a copal resin powder to give the image a finer and more even screen tint. At this time, he also began using waxed paper positives of his camera images to make prints that he called photoglyphic engravings. For Talbot, photogravure had been the logical evolution of his original invention of photography; transforming nature's sketches into permanent and beautiful printer's ink.

-----------------------------------------------------------------------------------------------------
Karl Klic & the Dust-Grain Photogravure

Karl Klic
Karel Klíc, 1841 - 1926.

AS THE PROBLEMS OF PERMANENCE WERE SOLVED, the role of the photogravure evolved. It began to appeal to the publishing industry as an economical means of illustrating books.
In 1879, Karl Klíc, a painter living in Vienna patented an improved method for applying an aquatint grain to break up the image and allow for deeper etched shadows. In addition, Klíc invented a technique of transferring the image from a negative, to a copper plate by way of gelatin-coated carbon pigment paper. The results were superior and the Talbot-Klíc Dust-Grain gravure was born.
Keeping his process secret, Klíc sold licenses for its use to such well-known printing firms as T. & R. Annan and Sons, in Glasgow; Adolphe Braun and Company, in Parks; and the F. Bruckmann Verlag company in Munich. By 1886, however, the process had been published in full detail making it available to anyone.
"I beg to express my entire satisfaction with your gravure process... The process itself is very valuable to a fine art publisher because of the beauty of the work and the crafted manner in which the plates are executed. With many thanks to me and my son I remain, Dear Sir, yours very truly" - Thomas Annan
March 11, 1883

By the late 1880s, Klic's gravure process was often used to illustrate high-quality books with photographs—a process technically and artistically far superior to previous methods.

------------------------------------------------------------------------------------------------------

Peter Henry Emerson, The Poacher
Peter Henry Emerson, 1856 - 1936. Denotes An Original
The Poacher. 1888.
Photogravure print.
23.5 cm x 28.4 cm

Emerson & Naturalistic Photography

THE INVENTION OF THE Talbot-Klic process coincided with Peter Henry Emerson's pursuit of Naturalistic Photography. Emerson, a physician turned photographer, was the proponent of controversial ideas concerning photography and art. In his book entitled, "Naturalistic Photography for Students of the Arts" (1889) Emerson claimed that a sharp and uniform image does not accurately represent the way the world appears to our eyes. He believed that for a photograph to be "truthful" it should be soft and impressionistic, bringing it closer to what he considered the appearance of nature.
Because grain-gravure prints are not as sharp as actual photographs, Emerson preferred the gravure process. He admired the softened image and liked the delicate tonal scale possible with gravure. It was Emerson who first believed that gravures should be considered original prints.
Emerson's gravures were used to illustrate five books between 1887 and 1895, and can be considered some of the earliest examples of pictorial and fine art photographs.

---------------------------------------------------------------------------------


Pictorialism & the Photo-Secession
INSPIRED BY EMERSON'S ideas and images, photographers began to explore the expressionistic potential of photography. This movement, known as Pictorialism, was characterized by painterly techniques involving soft focus lenses and heavily manipulated printing processes like gum bichromate and bromoil. George Davison's famous image, The Onion Field, is an early example of an impressionistic or pictorial photograph. Its soft focus was achieved using a pinhole lens.
Pictorial photographers considered themselves serious amateurs—motivated by artistic forces rather than those of financial gain. In Europe they formed salons and clubs like The Linked Ring Brotherhood, The Royal Photographic Society (of England) and The Photo-Club of Paris. And in America in 1902, Stieglitz established the group called the Photo-Secession. He chose the name "Secession" because of its use by some societies of avant-garde artists in Germany and Austria to denote their independence from the academic establishment.
Photogravure proved to be an effective tool for the pictorialists, aiding in their mission to convince a skeptical audience that photography had significant expressive potential. For once, the qualities of gravure enabled them to more accurately reproduce the subtle and beautiful character of their images in books, journals and limited editioned portfolios.
The value of photogravure in establishing photography as a fine art was emerging.

----------------------------------------------------------------------------------------------------------


Camera Notes and Camera work
WHEN IN AMERICA THE SOCIETY for Amateur Photographers merged with the New York Camera Club in 1897, Alfred Stieglitz recognized an opportunity to inaugurate a publication that would promote the efforts of the Pictorialists to a larger audience as well as stimulate artistic efforts in photography. He presented a plan for an illustrated quarterly that would replace their leaflet, Journal. The new publication Camera Notes became his vehicle.

Alfred Stiegletz
Frank Eugene. 1865-1936. Denotes An Original
Mr. Alfred Stiegletz. 1909.
Photogravure print. 16.4 x 11.2 cm
Stieglitz demanded that the plates in Camera Notes serve as more than a record of what was being produced in the photographic world; they had to "interpret fully the spirit and quality of the original print." The photogravure process was uniquely suited to reproduce these subtle prints. Many of the gravure plates in Camera Notes and later in Camera Work were made from positives, made from the original negatives. Because they were often supervised and sometimes even etched and printed by the artists themselves, these gravures were considered equivalents to the original prints. After suffering from a low tolerance to political pressure, Stieglitz resigned as editor of Camera Notes and in 1903 launched his own publication, Camera Work. Camera Work is today considered to be the single best-known example of gravure printing. It so successfully simulated the tonal and tactile qualities of the Pictorialist printing style, that in 1904 when the Photo-Secession contribution to an exhibit in Brussels failed to arrive on time, Camera Work gravures were hung in their place. The show was a great success, however it was not generally known that the prints were gravures until the show was over.
Today, Camera Work is credited as the mechanism that enabled Stieglitz and his followers to succeed in their mission to have photography recognized as a legitimate fine art.

------------------------------------------------------------------------------------------------------

Straight Photography
THE FINAL ISSUES of Camera Work were illustrated with images by newcomer, Paul Strand. For the first time these gravures, printed on a heavier stock, have come to represent a turning point in the history of the medium. Stieglitz wrote of Strand, "... The work is brutally direct. Devoid of flim-flam; devoid of trickery and any 'ism'; devoid of any attempt to mystify an ignorant public, including the photographers themselves. These photographs are the direct expression of today..." Straight Photography was born.
And with Pictorialsm went the popularity of the hand-pulled dust-grain photogravure. The less expensive rotogravure process had found its foothold in the publishing marketplace and coincided with the strong, sharp and clean printing style of the new era of photographers. There were holdouts however. In 1933, Doris Ulmann's "Roll Jordan Roll" beautifully documented the vanishing culture of African American tenant farmers in lush photogravure. And in 1937, Adolph Fassbender published "Pictorial Artistry", considered to be one of the most lavish books ever printed in photogravure.
Many consider Paul Strand's portfolio, Photographs of Mexico issued in 1940, the finest photogravures ever made. In this seminal body of work, Strand relies on the rich depth and texture of photogravure to convey the quiet and somber state of the Mexican people and the landscape of a war-torn country impoverished by revolution.
---------------------------------------------------------------------------------

Beirut - Farhat Art Museum Collection