Wednesday, October 10, 2012

التحويل الخيميائي في أعمال فانيسا ستافورد بقلم د. شاكر لعيبي




يمكن قراءة أعمال فانيسا  ستافورد من زاويتين منهجيتين متداخلتين:
أنها نوع من الاستشهاد Citation التشكيليّ.
أنها نوع من التحويل Transmutation الخيميائي لتلك الاستشهادات.

إن الاستشهاد في الحقل التشكيلي يمكن، بشكل عام، أن يستند كلياً أو جزئياً إلى مرجع مباشر هو عمل تشكيلي آخر. في تاريخ الفن الحديث هناك أمثلة كثيرة لذلك، منها لوحة رينيه مارغريت "منظور 2" التي استشهدت بلوحة مانيه "الشرفة" 1869 الذي بدوره استشهد بلوحة غويا  "Majas au balcon". في الفن المعاصر أيضا شهدنا الكثير من الفنانين الذين يعودون إلى أعمال قديمة معروفة كمرجعيات لهم. أنهم يقومون باستشهاد دون الاستلهام الفعلي لتلك المرجعيات لكن بإدماجها في عملهم. الاستشهاد من جهة أخرى هو عنصر من عمل فني يستعيد موضوعاً أو تقنية سابقة، ليصير في نهاية المطاف نوعا من غمزة (clin d'œil)، وليس نسخة مطابقة لعمل سابق.

استشهادات فانيسا ستافورد المتنوعة، الواعية وغير الواعية، بفنانين سابقين مدموجة كلها في عمل فرديّ طريّ وجديد. إنها تذكّر المتلقي، في آن واحد، بأعمال هنري روسو، بالفنانين الأمريكيين الواقعيين المناطقيين régionalistes سنوات الثلاثينيات، بالقليل من الانطباعية والقليل من التعبيرية، وفيها تلميحات إلى حلمية الطيران لدى شاغال.

يقوم الفنان الذي يستشهد، كما تفعل فانيسا  ستافورد، بدور المُرتجِل والمؤوِّل، واضعةً ما تستشهِد به في سياقها الشخصيّ، مانحة إياه معنى ومفهوماً خاصاً بها، في لوحات مختلفة ومستقلة عمن تستشهد بهم. يتعلق الأمر باستراتيجية بلاستيكية تستخرج الفردانية من حيث نعتقد أنها "تقلد" الأعمال الفنية الأخرى.

Fantasy خيال
Farhat Art Museum Collection مجموعة متحف فرحات 


طريقتها في رسم الطبيعة، خاصةً أسلبة الأوراق وتداخلها وطريقة معالجتها لونياً تذكّر المرء في جميع لوحاتها التي تظهر فيها النباتات بأعمال روسو ، مع ميل لتبسيط تعقديداتها خلافاً لهوس روسو بذلك. أحيانا تذكر بزخرفية ماتيس النباتية. إننا نرى ذلك مثلاً  في لوحاتها (African History) و(Fantasy) و(Lonely) وغيرها.
بالنسبة لمواطنيها يتوجب التذكير أن أعوام الثلاثينيات من القرن العشرين كانت فترة ردة فعل وتمرّد ضد الأساليب القادمة لأمريكا من أوربا. إن واقعيين مدينيين réalistes urbains مثل بن شان Ben Shahn وريجينالد مارش Reginald Marsh ووليم غروبير William Gropper كان يطرحون في لوحاتهم ورسوماتهم الشروط البشرية والتحولات الاقتصادية التي تلت مباشرة أزمة عام 1929 الشهيرة. بينما كان رسّامون مناطقيون مثل غرانت ود Grant Wood وتوماس هارت بينتون Thomas Hart Benton وجون ستيوارت كوري John Stewart Curry يستلهمون الحياة وفلكلور الغرب الأوسط الأمريكي والحياة الريفية. في أعمال فانيسا  ستافورد شيء من أساليب ذلك كله بطريقة ملتوية ومعقدة، كما في عملها (Abu Ghraib , Cheney - Ramsfield) الذي يستعيد روح مشاهد المسرح الاستعراضية التي رسمها ريجينالد مارش نهاية الثلاثينيات، بداية الأربعينيات من القرن الماضي. لكن خلافاً لمواطنيها يوجد في أعمال فانيسا  ستافورد الكثير من المرح والاندفاع الروحيّ والعفوية التي لا نلحظها إلا نادراً في أعمال مواطنيها المذكورين الخارجين في شروط تاريخية موسومة بالكآبة التي يمكن تلمُّسها بوضوح في أعمال غرانت ود.
هناك مؤثرات واستشهادات أخرى: في عملها (bluebeard) وعملها (bell_jar) ذكرى بعيدة من أعمال ما بعد الانطباعيين. في أعمال أخرى ثمة محاكاة للطبيعة التي رسموها وتذكير بملمس لوحاتهم. في بعض اللوحات استلهام من تعبيرية ماتيس المرحة وألوان التعبيرية الألمانية الجامحة، دون أن تكون في ذلك كله ضمن الفهرست التشكيلي نفسه على الإطلاق.
Abu Ghreib Prison أبو غريب
Farhat Art Museum Collection مجموعة متحف فرحات 


هنا تقع منهجية التحويل Transmutation المذكورة التي تصير أعمال فانيسا ستافورد عبرها نوعاً من الخيمياء التي تُنتِج حجرَ الفلاسفة pierre philosophale، حيث تتحوّل الأعمال المستشهَد به المفترَضة تحولات جديدة، مثيرة وشخصية وتختفي منها تقريباً آثار المستشهَد بهم، فلا يبق سوى الهاجس الفردي للفنانة. فإن استخدامها لمرجعيات صور سجن أبي غريب تختلف جذرياً عن الطريقة التي استخدم فيها بوتيرو مثلاً هذه المرجعيات نفسها. لقد وضعتها في إطار الإدانة الواضحة للحرب على العراق، بينما استخدمها بوتيرو، ومعه شريحة كبيرة من الفنانين الأوربيين والأمريكيين في سياقٍ لا علاقة له بالضرورة بمثل هذه الإدانة المخصوصة. لقد وجد الفن الأوربي والأمريكي في مرجعيات صور أبي غريب جميع العناصر التي تعنيه: الجسد العاري المتكوم فوق بعضه الذي يجد بدوره في الذاكرة التشكيلية الأوربية مراجعه منذ الإغريق، النزعات السادية والمازوشية التي درسها التحليل النفسي منذ نهاية القرن التاسع عشر، جميع أنماط الصور الدينية القروسطية المتعلقة بالسحرة ومحاكم التفتيش أو الصلب المسيحي (مثل صورة السجين العراقي المغطي بالأسود مفرداً ذراعيه على شكل صليب) التي تحتل في ذاكرة تاريخ الفن حيزاً واسعا للغاية. كل هذا وغيره، من دون نفي نوايا الاستخدام الحسنة، قد قاد إلى استخدام الصورة بعيداً جداً عن سياقها، وأدرجها لصالح اهتماماته. بعبارة أخرى لصالح فكرته عن الصلب وليس عذاب المصلوبين العراقيين.
في عمل فانيسا  ستافورد لا يوجد، من جهة شيء، من هذا، ومن جهة أخرى لم تختفِ منه روح الطرفة، بل حضرت فيه أسلوبياً لمسة كاريكاتورية نقدية خلافاً للصرامة بل التجهّم الذي استخدمت به الصور ذاتها في أماكن أخرى.

مخيلة فانيسا ستافورد حلمية، طرفوية ولُعُبية رغم أنها أقرب للمخيال الشعبيّ في حالات كثيرة. إن حضور الحَمَل، هذا الحيوان الإنجيلي، قد يجعل المرء يستعيد حضوره في الكثير من أعمال شاغال عن عيد الفصح Pâque، لكنه حاضر هنا بعيدا عن أي مرجعيات إنجيلية. إنه يحضر جوار العديد من الحيوانات الأخرى كالفيلة والطيور والقطط وأبي الهول وغيرها التي تصير، مع العالم النياتي والكائن البشري الملوَّنة كلها ببهجة وفرح ونشوة، جزءً من احتفالية صافية بالسعادة وبالعالم.
Chaos and Order فوضى ونظام
Farhat Art Museum Collection مجموعة متحف فرحات


في أعمال فانيسا ستافورد يوجد من دون شك شيء من البوب أرت، أو استعادة للتصاوير الشعبية الجماهيرية الأمريكية، والرسوم البدائية لكائنات خرافية نصف مجنحة وكائنات مزوّقة بإفراط متعمّد ومكياج مسرحي بلخطات حمراء على الخدود ومبالغة مقصودة، وتنفيذ للعمائر والمنازل بروح مُؤسْلَبة طفولية ، تمارِس الفنانة عبرها بقوةٍ ومن جديد، عملية التحويل الموصوفة، حيث تتمسك لوحاتها بخصائص تُعزى لمنتجتها في المقام الأول.
هذه المخيلة متعدّدة المصادر، لكن المصادر المتيسّرة للجمهور والمستلهَمة من ثقافة الجمهور، لن تجعل أحداً يستغرب أن تعمل الفنانة بتنفيذ رسوم متحركة وكتب للأطفال. في لوحاتها أثر من اللعب الطفوليّ، في التلوين كما في المخيلة، لكن فيها أيضاً حلم الكائن الناضج بالانسلاخ من الواقع الصارم والمرّ، والرغبة الجامحة بالحب الكامل.

يقوم التلوين بالألوان المائية والغواش بتصعيد عملية التحويل، لكي تنفصل الأعمال عن مرجعياتها المفترَضة وتحتفظ في نهاية الأمر بالوحدة الداخلية التي تلتم الفنانة في نواتها، وتنام أخيراً في روح الغابة. ألم تسمي أحد أعمالها "حلم في الغابة The dream in the Jungle"؟.
Farhat Art Museum Collection مجموعة متحف فرحات 



Wednesday, October 3, 2012

John Morita’s work in the Farhat Art Museum


From Reconstructing Memories by Aaron Kerner
John Morita’s work engages the complex history of the geographical area now known as the state of Israel, and the experience of the Palestinians. Perhaps nowhere else on the face of the planet is the history of a geographical area so contentious as the modern state of Israel including the West Bank and Gaza. Even in just formulating the previous sentence some might contest my wording; although most certainly a radical position, some might argue that the ‘modern state of Israel’ is itself problematic because of its founding on May 14, 1948. Radical Zionists too impose ancient Judaic history onto small plots of land inside the West Bank and Gaza in order to legitimize their claims to it. The linguistic rhetoric – the so-called ‘settlers’ – implies that these radical factions have made terra nullius claims to Palestinian territory.
The conflict between Palestinians and Israelis is not just a matter of geography, a David and Goliath power struggle, but in fact what is at the core of the conflict is history itself. As I have said on a few occasions – in discussing the work in Reconstructing Memories – history is always subjective and more importantly it is always a construct. And contrary to its popular conception history doesn’t begin at some starting point in the past and then organically proceed forward through time; rather, history is used to justify our contemporary situation. Understanding the subjective nature of historical discourse it is possible to see how both the Palestinians and Israelis might construct historical narratives that suit their social political agendas. In general it is feasible to see how these conflicting historical narratives might on the whole be ‘truthful,’ however, it is in the process of fabrication that the divergent narratives emerge, ultimately calling into question the possibility of even coming close to an ‘objective’ form of historical discourse.


By John Morita


There is undoubtedly sympathy for the Palestinians in Morita’s work. Indeed there is little question that the Palestinians have suffered great injustices at the hands of the Israelis. Although highly contentious and by no means can any truly equivocal analogy be drawn between the Holocaust and the current conditions under which the Palestinians live, there is nevertheless a sense of bewilderment at the face of Israeli injustice. In the wake of the Holocaust it seems that more than most, the Israelis should have a heightened sensitivity to forced displacement, the effective ghettoization of Palestinians, and diaspora. Morita’s work, in its layering of images, in its depiction of Palestinians who have suffered, or even died, at the hands of the Israelis, humanizes Palestinian history and illustrates the grave results of conflicting historical narratives.
http://www.farhatartmuseum.info/