Tuesday, November 9, 2010

صنع في فلسطين - مطالعة سياسية تشكيلية بقلم فاطمة الحاج




القصة بدأت في مؤسسة إناري ومع اهتمامات مدير متحف هيوستن جيمس هاريثاس لرسوم السجناء السياسيين في الولايات المتحدة الاميركية وخاصة السود منهم والمكسيكيين. هذا البحث الدائم عن المعاناة الانسانية لتسليط الضوء عليها، قاده للبحث في المعاناة الفلسطينية وما لهذا الشعب من مآس يطاول الأساطير فيمخر عباب النفس البشرية الحرة، هذه النفس التي تسيّج نفسها بشريط شائك من الحقد وبحائط يعلو ويمتد كلما تجذرت العنصرية، هذه الحالة الطليقة النادرة التي تمثلت في اصرار جايمس هاريثاس على المضي في بحثه الجاد والحقيقي عن المعاناة البشرية أنّى وُجدت. على الانترنت وجد اسم الفنانة ساميا الحلبي ، تمّ الاتصال بدأ العمل معها ضمن شرط من قبل الفنانة الفلسطينية: هو عدم إقامة معرض إسرائيلي بالتوازي مع المعرض الفلسطيني، وكان الاتفاق.
بدا المشوار بالذهاب إلى فلسطين والاتصال بالفنانين مباشرةً: مدير المتحف مع صحفيين اثنين ومصممين بالإضافة إلى الفنانة سامية الحلبي، وقادهم التفتيش عن الفن الفلسطيني إلى خارج الأراضي الفلسطينية فذهبوا إلى دمشق للبحث عن أعمال الفنان التشكيلي مصطفى الحلاّج . ومن ثم إلى الأردن.
اختاروا الأعمال وذلك بغض النظر عن كلفة الشحن الباهظة لهذه الأعمال إلى هيوستن التي بلغت حوالي نصف مليون دولار. دون المبالغ الأخرى وخاصة ما يتطلب هكذا معرض من تكاليف كتاب وغبره ودعوات واتصالات.
وتمّ الحدث في The Station Museum Houston Texas سنة 2003 .
وكان ما هو متوقع : قاطعت الصحف الأميركية المعرض في البداية، ودارت نقاشات حادة مع مدير المتحف.
وبعد مرور شهر على المعرض بدأت الصحافة الكتابة . مقالة اعتبرت المعرض إرهابياً، ربما مدافعة عن أرييل شارون لما للوحة الفنان عدنان يحي من دلالات. هذه المقالة جعلت الناس تتوافد لرؤية المعرض « شكراً للكاتب» تقول ساميا الحلبي لأنه أعطى المعرض شهرة دون قصد منه .
وقْعُ المعرض كان متفاوتاً لحد أن البعض من زواره تأثر حتى البكاء.
ولكن بعض الصهاينة ممن جالوا في المعرض امتعضوا واستنكروا معتبرين أن ذلك يعمل على تشويه صورة اسرائيل.
ثمّ يدا العمل على الخطوة التالية، ألا وهي تجوال المعرض في بعض الولايات الأخرى، فتمت دعوة عدد كبير من المتاحف هناك لاستضافة المعرض، فأرسل 45 مغلفاً متضمناً لصور المعرض. الرفض الكللي من الجميع: «نخسر تمويل متاحفنا»، جواب واحد كان هو السبب.
وكان لا بد من التحرك والعمل بشكل فردي لدعم متابعة التجوال، هذا ما تشرحه ساميا الحلبي. فبدأتْ بالعمل مع بعض الأميركيين القلائل المؤيدين للقضية الفلسطينية، والقضايا العالمية المحقة بالاضافة إلى بعض الأشخاص في الجالية العربية. جمعوا بعض التبرعات من إقامة حفلات ومآدب يعود ريعها لاستمرارية تنقل المعرض. فحاولوا جمع مئة ألف دولار أميركي. وتمّ العرض على التوالي:
في سنة 2005 تمّ المعرض في Somarts, San francisco
في سنة 2005 أيضاً كان المعرض في T.W. Wood Gallery, Montpelier Vermont
في سنة 2006 كان المعرض في Bridge Gallery, New York ، حيث كان للمعرض افتتاحاً رائعاً شاهده حوالي خمسة آلاف شخص وبدأ النقد البنّاء للمعرض بأنه جاء نتيجة حتمية لمعاناة الشعب الفلسطيني، الذي أسّس لفن تفاعلّي بغض النظر عن المكان والزمان. من ضمن هذه المقالات في أشهر مجلة أميركية متخصصة في الفن التشكيلي:
Art in América.
والآن تريد السفارة الفنزويلية في تكساس إقامة المعرض في حرمها.
بعد كل هذه الظروف الصعبة التي مرت بها هذه المجموعة، وهذه المكابدة والسعي من خلال هؤلاء الأشخاص المصممين على العمل عكس التيار السائد، هنا يتكشف لنا مدى تقصيرنا بحق أنفسنا وبحق أجيالنا الحالية والقادمة.
فماذا نجيبهم عندما نُسأل: «ماذا فعلتم، ولماذا اكتفيتم بكونكم مفعولاً به، دون الارتقاء إلى مصاف الفاعل؟. »
ولماذا تبقى الحالة الفردية هي سمة العمل عندنا وأين دور الجماعة والمؤسسات، ولم لا تعمل متعاونة؟
مقتني للوحات يعيش في الولايات المتحدة، من أصل لبناني، يُدعى السيد نعيم فرحات، اشترى نسبة حوالي 80% من مجموع الأعمال وضمها إلى مجموعة الخيام .
في اتصال هاتفي مع صاحب هذه المجموعة، عن سبب رفض هيآت المتاحف في الولايات المتحدة عرض هذه المجموعة، كان ردّه هو خوفهم من خسارة دعم وتمويل المتاحف الأميركية من قبل الأشخاص والمؤسسات على السواء لأنه يشوّه صورة إسرائيل.
كما أخبرني بأن الضجة التي حصل المعرض المذكور عليها «Made in Palestine» ، أدّت إلى الطلب إليه السماح بعرض هذه المجموعة خارج الولايات المتحدة الأميركية
في إيطالية وبريطانية وفنزويلا.

ساميا الحلبي -فلسطين من نهر الاردن الى البحر المتوسط  Samia Al Halaby - Palestine  


ماذا أخافهم يا ترى كي يحجموا عن عرض مثل هذه الأعمال؟!
أهي علبة الذخيرة المملوءة بالحجارة ، بعد أن أُفرغتْ محتوياتها من الذخيرة الحية في
رؤوس وصدور أطفال فلسطين. فنستنتج بأنّ الحجر أشد إيذاءً من الرصاص
أم فساتين الحداد والامتداد الأسود المتدلي منها مشكلاً ما يشبه النهر المتموج، ربما خافوا أن يجرفهم نهر الحداد الأسود.
أم عيون مصطفى الحلاج المليئة غيظاً، التي ربما ستلاحقهم طالما بقي للفن دورٌ في التفاعل.
أم أحلام ساميا الحلبي في ألوان زيتونها وبرتقالها، راسمة حدود وطنها عندما أُرغمتْ على تركه سنة 1948 إلى لبنان، وفي سنة 1951 إلى الولايات المتحدة الأميركية ولها من العمر 15 ربيعاً،
أم تذكيرهم بأسماء المجازر والقرى المدمرة المطبوعة على خيمة، رمز تهجيرهم 
أم حكاية انتفاضة جينين، بعد أن ثقل حملها لأشلاء بيوتها المدمرة والتي تحولت بدورها إلى حجارة الانتفاضة.
أم خوفهم من قيامة "اسماعيل" من خلال تشققات الطين .
أم من تطاول وتتابع الحائط المزدان بالشهداء، مقابل حائطهم المفرّغ من كل داعي ومعنى، إلا من عزلة الصهيونية، والتفرّد بتعصبهم وحقدهم المتطاول .
سؤال برسم الاجابة: هل سيجول المعرض في الدول العربية؟.
صاحب المجموعة السيد نعيم فرحات يجيب: على الأكيد في بيروت مع مجموعة الخيام وقد تمّ الاتصال بأصحاب الشأن لذلك.
ولكنه يفضل بأن تكون بيروت محطته الأخيرة. ومستعدٌ لعرض المجموعة في أي دولة عربية ترغب في ذلك.
I Ismail - Suliman Mansour  أنا اسماعيل - سليمان منصور
ماري توما - بيوت للاتي لا بيوت لهن Mary Tuma Homes for the Deshombodies

No comments:

Post a Comment