Saturday, June 4, 2011

ملتقى الخيام التشكيلي : حساسيات فنية مختلفة ووجهة واحدة , دراسة لفريد الزاهي

أيمن غرايبة , مجموعة متحف فرحات
             
الفن التشكيلي هو فن معقد ومركب ومن الصعب في كثير من الأحيان أن يجد الفنان نفسه مباشرة في معمعة التواصل الحي والمباشر مع قضايا راهنة . بيد أن كل الجهود المبذولة سواء من طرف الفنانين أو من المنظمين والسياق الذي إشتغل فيه الفنانون في هذه المنطقة استطاع ان يزج بكل فرد فينا علاقة تواصلية مباشرة . حية وحيوية مكنته من الامساك في لحظة معينة هذا الخيط الرابط بين البعد الذي أراد اعطاءه لهذا الملتقى وبين الرغبة الشخصية والذاتية للفنان , كان بإمكان أي أحد أن يلقي نظرة في البداية فيرى ذلك الاقتراب والاحساس باللاتوازن الذي عايشه بعض الفنانين بشكل ظاهر أو خفي أمام ما يمكن أن يقدمه ليس للتحرير مباشرة- فالتحرير هو لحظة عيشت سنة 2000-إنما لنظريته الخاصة لهذه الذكرى التي تستعيد لحظة التحرير وتؤيدها وتجعلها مستمرة

فاطمة الحاج , مجموعة متحف فرحات , تقول الفنانة:  أولا , الاختيار لهذا المكان ناجح جدا لأن فرحة الفنانين العرب صراحة لا توصف فهم يعايشون اللحظات بحذافيرها فهنا الحائط والزنزانة والشريط وكل شيء يملك الكثير من المعاني , هذا العمل ككل هو خليط من الألم والفرح , فرح التحرير لجنوب والألم لإدراكنا أن القدس أسير والفلسطينيين يعانون

أظن أن حصيلة هذا الملتقى جيرة بأن نقول عنها أنها حدث ثقافي وتجربة رائدة وتواصل يلزم أن نذهب به بعيدا ونجعله تقليدا يتجاوز الفن التشكيلي الى الشمولية في الفن من مسرح وسينما وشعر فعملية التحرير هي تحرير

حساسيات فنية مختلفة ووجهة واحدة
تشكل حصيلة الملتقى في وفرتها وتنوعها رصيدا أساسيا يحمل الكثير من الإبداع والأكثر من التنوع في الرؤية والمقاربة الفنية . وبالرغم من حداثة هذه التجربة والشروط الصعبة التي تحققت فيها , وعدم إعتياد البعض على هذا العمل المفتوح , فإن ما قدمه الفنانون يتميز بخاصتين أساسيتين :
أولا:الإمساك بالموضوع والمرمى والسعي الحثيث والناجح الى صياغته تشكيليا بما يلاءم طبيعة الملتقى والمتوقع الفني المنتظر منه , بحيث نجد أنفسنا أمام أعمال فنية كلها تصب في دائرة الأسر والحرية والتحرير والمقاومة
ثانيا :استبطان الموضوع بشكل يتم من خلاله التأويل الفني له وفقا لتجربة الفنان وحساسيته ونوعية مقاربته وطريقة اشتغاله تقنيا.
يمكننا مقاربة تداوير هذه التجربة وتعرجاتها ونتوءاتها الجمالية من خلال استقراء عناصرها ومكوناتها والآثار التي تشع بها من حواليها . فالمتأمل في الاعمال الفنية التي افرزت عنها ستة أيام من الاشتغال الدءوب تضعنا أمام توجهات ومقاربات لكل منها خصوصيتها وفرادتها ولكل منها طرائقها في تحويل المرئي الواقعي الى مرئي جمالي . هكذا ينتقل البصر منا , في إيقاع متعرج بين التصويرية الواقعية التي ترغب في إضفاء الطابع الرمزي على مكوناتها البصرية والتجريدية التعبيرية التي تحول المحسوس آلة متوالية من الأشكال والألوان ذات الطبيعة الشعرية . وكأننا بالفنانين قد رغبوا في استنطاق علاقتهم بالموضوع بشكل لا يمكنهم معه إلا أن يستجيبوا له . ولعل هذه الاستجابة هي التي دفعت بالكثير من الفنانين المشاركين الى التخلي , أو الخروج عن طرائق تعبيرهم الفني تاركين لحظة تاريخية التي يعيشون امتدادها أن تتسلل الى مآقيهم وشبكة إحساسهم , راغبين في التالف الحسي والبصري مع الشحنات الفكرية والعاطفية التي تلقاها وعيهم ولا وعيهم .

ثريا البقمصي , مجموعة متحف فرحات , تقول
أنا حاولت إبراز تجربة المرأة الأسيرة , فمجرد وجود هذا الانسان الرقيق والحساس , هذه الأم والزوجة والفتاة هنا في هذا الملتقى وتعرضها للقساوة والظلم هو أكبر دليل على استبداد هذا العدو الاسرائيلي المتوحش

من ثم فإن السمة الغالبة على أعمال هذا الملتقى هي الترميزية , ونعني بذلك الاشتغال على المعطى التشخيصي لا كوحدة منتمية كلية الى الواقع وإنما كمجموعة من العناصر الواقعية التي لا تأخذ بعدها إلا من الدلالات المتعددة التي تفرزها . إن الترميزية هنا تشتغل كمكون من ضمن المكونات التشكيلية , أي أنها لا تتجاوز مع معطيات أخرى تحبل بها اللوحة , من اشتغال لوني وشكلي على المساحات ومن إدراج عناصر ومكونات زخرفيه وحر وفية وعلامية تأتي لتمنح هذا النتوء الرمزي فضاء يشع منه ويأويه
بيد أن هذه السمة تأخذ أشكال وتلاوين متعددة :
من الترميزية -الرمزية الكنائية ذات الطابع البلاغي (صور وكولاج من المقاومة , بندقية , علم المقاومة , الشريط الحدودي ..الخ) التي تبتغي التكثيف الدلالي لمعطيات المقاومة المباشرة , إلى التهجين التشكيلي للمكونات الواقعية وإعادة تأليفها وفقا لاشتغال خصوصي على تركيبها داخل اللوحة , مرورا بالمجاورة في المساحة نفسها بين المكون التشخيصي والمكون البصري الخالص .

من جانب أخر فإن أعمالا أخرى تتوسل بالتعبيرية التجريدية التي تحول مساحة الى مساحة غنائية تتمسرح فيها حساسية الذات وفقا لموسيقية شفافة ذات بعد بصري خالص . إنها أعمال تتسامى بالحسي الى درجة من الشفافية بحيث تستنبطه استنباطا . وتحول التجربة الخارجية الى تجربة داخلية محضة هذه الوجهة , والبرغم من وقتها في أعمال الملتقى , تتمسك بذاتها وتستقبل دوافع الأسر باعتباره مجموعة من الذبذبات اللونية والشكلية والحركية التي تسائل واقع الاعتقال وواقع المقاومة من منظور السؤال والامتداد
وبين هذا وذاك تجارب حداثية تشتغل على المادة كمكون بصري أو على العلامات والأشكال كبعد سيميائي . غير أن الفنانين باشتغالهم على الفضاء بشكل مختلف يسعون الى تكسير مفهوم اللوحة التقليدية .
تبين الملتقى التشكيلي لأول لمعتقل الخيام عن وضعية جديدة للإشتغال الجماعي , جعلت البعض ينفتح انفتاحا كليا على محيط التجربة , فيما جعلت البعض الاخر
يحاورها ويتركها تخلخل تجريديا بعض الجوانب في شخصيته الفنية

إلهام الفرجاني, مجموعة متحف فرحات , تقول : بعد خروجنا من المواقع يتكون لديك الشعور الحقيقي بالانتصار , فمهما ترى من الاحداث على التلفاز ليس كرؤيتها في الواقع وتلحظ القوة والشجاعة والرهبة الموجودة هنا تحس بالعظمة , عظمة الحدث .
الفنانون أصبحوا كأنهم هم المحاربين , هم اللذين إنتصروا الكل يعمل بإجتهاد وصدق
يمتلك متحف فرحات جميع  أعمال الملتقى التشكيلي ,الفنانون  هم:
 هيمت محمد علي, عبد المنان شما,عبد السلام عيد,محمد عبلى,عمران القيسي, حكيم العاقل, يوسف أحمد, عبد الجبار يحيى, أدوين غوتيه, ميري أبراهامسن, هيلدا حياري, سهيل بقاعين, عبدالله نواوي, نبيل نجدي, طه الصبان ,طلال معلا, علي سليمان,علي السرميني, ممدوح قشلان, مجيد جمول, أحمد الأحمد ,  جعفر الدشتي,ثريا البقمصي, عباس القاظم,الهام فرجاني, حسين عبيد,  عبد الرحيم سالم,  بلقيس فخرو, محمد عثمان, عبد الوهاب الدرديري, محمد العامري, يوسف عون, ,  محمد عزيزة, انج خليل, سمير ابي راشد, ليلى الزين, فضل زيادة, فاطمة الحاج,عدنان المصري , عزت مزهر , جميل ملاعب ,وجيه نحلة,  يوسف غزاوي, فيروز شمعون, غولين ديبورغوسيان 

No comments:

Post a Comment