ليس هناك لوحة مكتملة ولا لوحة مقفلة على المستقبل
اللوحة جزء من آلية التفاعل مع العصر تتطور بتطوره
المغامرة هي الأساس في العمل الفني وليس هناك فن شاب وفن كهل
أنا خارج المدارس لأنني أنتمي إلى الصورة الجديدة
اللوحة جزء من آلية التفاعل مع العصر تتطور بتطوره
المغامرة هي الأساس في العمل الفني وليس هناك فن شاب وفن كهل
أنا خارج المدارس لأنني أنتمي إلى الصورة الجديدة
طلال معلا2002 , من مجموعة متحف فرحات |
أخيلة وألوان من سماءات مضاءة بالحياة تغمر المكان، وصور من حقيبة الذكريات تفرش لحظاته بالولع، تعيد اشتعاله، تؤججه فلا يقوى على الانطفاء، حيث يفاجئنا كل مرة بنتاجه الفني الذي يعكس رؤيته للحياة عبر قصص وحكايا تحضر في وجوهه الصامتة التي يعبّرمن خلالها عما يدور في ذهنه من أفكار، فيأتي الصمت لغة أخرى لبوح بليغ، هي وجوه قلقة، متعبة أرهقها الانتظار والحلم، وجوه تطرح الكثير من الأسئلة التي تدعو للكلام والحياة، هكذا بدت وجوه الفنان طلال معلا التي ضمّها المعرض الذي أقامه مؤخراً في صالة تجليات للفنون التشكيلية، وفي هذه اللوحات، نقرأ الطفولة ممتدة بحالة من البراءة حيث يتعامل مع الأشياء بفطرية تشبه عفوية الطفل وبراءته، فقد كان في حياته الأولى متأملاً أكثر منه مشاركاً لأطفال الحي في لعبهم، وأهم شيء تعرّف إليه في طفولته هو الكتاب، حيث كان وهو في الصف الثامن يحمل بطاقة مشاركة في المركز الثقافي في الرقة حيث كان يقيم مع أسرته، بطاقة تتيح له الاطلاع على الكتب التي تساعده على تكوين نفسه “ إن تكويني الأول في الطفولة كان تكويناً معرفياً، وبالتالي عندما أتعامل مع هذه الروح ببراءة، أتعامل معها من خلال محتواها المعرفي أيضاً، ولا أستطيع أن أقول أنني أعبث مع الأشياء، بل إنني أقصد كل شيء في عفويتي وتلقائيتي التي أتعامل فيها مع اللوحة، والتي تصل أحياناً لحدود القسوة، وأحياناً برقة، وبنفس التلقائية بكلا الجانبين”.
و”صمت” هو المعرض العاشر الذي يحمل العنوان نفسه، لكنّ وجوه طلال ليست صامتة، بل إنها تحمل في ملامحها حالات من الاحتجاج والصراخ والحزن والغضب والفرح إلى آخر ماهنالك من حالات، وقد عبّر عن ذلك من خلال تناغم الخط واللون والضوء، ويفسر ذلك بقوله: “هذه مهمة اللوحة، أن تصل إلى حدود أن تنطق وتبوح للآخرين بمحتواها، وأن تنقل القيمة الموجودة في اللون والشكل والصيغة، وكل متعلقات اللوحة أو مفرداتها، تتحول إلى لغة ناطقة، وأحياناً التشويهات في اللوحة لها وظيفتها حتى تعكس موقف الفنان”.
و”صمت” هو المعرض العاشر الذي يحمل العنوان نفسه، لكنّ وجوه طلال ليست صامتة، بل إنها تحمل في ملامحها حالات من الاحتجاج والصراخ والحزن والغضب والفرح إلى آخر ماهنالك من حالات، وقد عبّر عن ذلك من خلال تناغم الخط واللون والضوء، ويفسر ذلك بقوله: “هذه مهمة اللوحة، أن تصل إلى حدود أن تنطق وتبوح للآخرين بمحتواها، وأن تنقل القيمة الموجودة في اللون والشكل والصيغة، وكل متعلقات اللوحة أو مفرداتها، تتحول إلى لغة ناطقة، وأحياناً التشويهات في اللوحة لها وظيفتها حتى تعكس موقف الفنان”.
الفنان في طور إنجاز لوحة الشهيد , في الخيام2002 , من مجموعة متحف فرحات |
“صمت” عنوان امتد على معارض عشرة، ماهي الاختلافات بين صمت / 1 / وصمت /10/ ؟ وماهي القواسم المشتركة بينها؟
نحن قلنا منذ البداية، سواء كان صمت/1/ أو صمت/10 أو 100/ إنّما هي دعوة للكلام، والقواسم المشتركة بينها هي الوجوه، والدعوة للكلام والتواصل، وصمت هو عنوان لاينطبق حرفيا على الأعمال الفنية..
> ولماذا الوجوه هي الرمز ووسيلة التعبير لديك؟
لأنه ليس لدي وسيلة أخرى للتعبير حاليا غير هذه الوجوه، لوكان لدي وسيلة أخرى بالتأكيد كنت تركتها، فمنذ مدة أجريت عملية عشت بسببها حالة من الألم، رغبت من خلالها أن أنتقل إلى موضوع آخر اسمه الغرفة رقم /10/ أتحدث فيه عن هذا الألم لكنني لم أستطع، يبدو أنني أيضا بحاجة إلى زمن حتى أستطيع استيعاب الألم نفسه لكي أستطيع التعبير عنه، فلا يمكن للمرء أن يخوض التجربة دون أن يستوعبها، أنا خضتها لكنني لم أستوعبها، لذلك لم أتمكن من التعبير عنها..
و لايقصد طلال دائماً أن يكون في خانة معينة، أي أن يُصنف في إطار التعبيرية الواقعية، أو التعبيرية الغنائية أو غيرها من التصنيفات، فالفنان برأيه لايقصد هذا الأمر، لكن نتيجة الأعمال المتراكمة، فإن هذه التجربة تشير إلى أنه يقف في مكان محدد دون غيره من الفنانين، ومسألة الأسلوب في هذا المجال لاتعنيه نهائياً، بمعنى أنه غير مكترث أن يكون له أسلوب أو شخصية معينة في العمل الفني، وحين يعبّر الفنان عن ذاته بمفرداته وأدواته، بالتأكيد على الناقد أو المحلل أن يجد نقاط التمفصل بين كل هذه الأعمال، أو بين المراحل التي مر بها هذا الفنان خلال مسيرة حياته، وبالتالي يصل إلى مجموعة من الحقائق يصنف عبرها مراحل تجربته الفنية، “في أحيان كثيرة تظهر في طريق المثقف الكثير من المفاجآت أو الانعطافات التي تأخذه إلى مواقع يكتشف فيها ذاته أكثر من أي فنان آخر، وبالتالي يصبح على خط الحقيقة بمواجهة نفسه، ويستطيع أن يرى على مستوى نقده لأنه يمتلك رأياً نقدياً، ما لايراه الآخرون وبالتالي تتحقق له نجاحات لاتتحقق لآخرين، رغم أنهم قد يمتلكون موهبة أكبر من هذا الفنان، وقادرون على الرسم والتعبير أكثر، لكن، أحياناً الظروف تخدم الفنان في مسيرته ويمكن أن يركب موجات تقوده إلى الشهرة والنجومية أكثر من غيره، واللوحة جزء من هذه الآلية التي هي مجال تعبير الفنان، بمعنى، أن كل فنان له وسيلته التعبيرية، وبالنتيجة نصل إلى أن الفنان بخبرته الواسعة، وبرؤيته النقدية وبقدرته على تقييم تجربته وانتقالاته في هذه التجربة، يستطيع أن يضع نفسه في الموقع الصحيح الذي يمكن أن يقرأه الآخرون من خلاله”.
لكن من خلال متابعة المعرض نرى هناك شيئاً من الفطرية؟
ذلك يوحي أن هناك شيأً من الفطرية، وبالتأكيد هذا الجزء ينتمي إلى مدرسة تعبيرية، لكن أنا خارج المدارس لأنني أنتمي إلى الصورة الجديدة أكثر، أنتمي للفنون الجديدة أكثر مما أنتمي إلى الصورة الشخصية التعبيرية التي طرحت في مجال التعبير؟
لكن الفن الفطري اتجاه أيضاً؟
الفن الفطري اتجاه بالتأكيد، ويجري الخلط أحيانا بين الفن الساذج والفن الفطري، أو الفن البدائي والفن الفطري، المشكلة هي في ترجمة المصطلح، فقد استخدمت توصيفات هذه الفنون في الغرب، وجرى ترجمتها إلى العربية، وفي كل مرة كانت تُترجم بطريقة مختلفة، لكن هي بأساسها تختلف، الفن الفطري يختلف عن الفن الساذج، وجرى دراسة فنون فطرية في مناطق عربية، حتى الكتاب فيه خلط بين الفنون البدائية والفنون الفطرية، ونحن لايمكننا أن ننظر إلى فنون الحضارات القديمة على أنها فنون بدائية لمجرد أنها أتت في بداية الزمن، حتى في ذاك الزمن هي متطورة عن الحالة البدائية، وبأي حال من الأحوال هي تحتمل الرمز وتحتمل المضمون والكثير من القضايا، لذلك لايمكن أن نقول إنها بدائية، حتى تماثيل الربات الأولى ذات الحوض الكبير والإشارة إلى الأماكن الجنسية والخصب والولادة وغير ذلك، فيها من الرمز مايملؤها، ولذلك هي ليست بدائية لمجرد أن شكلها بدائيا، هي فنون معرفية، ويجب تصحيح المصطلحات التي أطلقت عليها على الأقل باللغة العربية..وتعبّر وجوه طلال عن حالاتها بشيء من الشاعرية،إذ إنه يرى أن الشعر والشعرية أمران مختلفان “الشعرية هي القدح في الإبداع أما الشعر، فهو ما تعارف الناس عليه أنه كلمات وقصائد، والشعر والكلمة لهما دور في حياتي كما الرسم واللون، ولي ديوان اسمه “موت الماء” الماء الذي خُلقَ منه كل شيء حي، وهو مجموعة قصائد عن الموت، لم أنشر بعدها، ليس لأني توقفت عن كتابة الشعر، فأنا لم أتوقف لكنني توقفت عن نشر الشعر لأنني أردت أن أكّرس كل الاهتمام للتشكيل والكتابة التشكيلية فقط”.
يتفاوت اللون عندك مابين الألوان الهادئة، ثم تنتقل لألوان أكثر حرارة وأكثر مباشرة في التعبير عن موضوع اللوحة، هذا الانتقال يتم بسلاسة ودهشة فهل توصّفه حسب موضوع اللوحة، أم حسب حالتك النفسية؟
الأمر مرتبط بالحالة النفسية، مرتبط بالذاكرة، بالأشياء الملحّة عليّ وأنا أنتج اللوحة، ولنأخذ مثلاً لوحة من المعرض مشكلة من تراب الفرات، هذا اللون هو لون تراب الفرات حين يطوف وينحسر، يعني الإنسان في ذاك المكان، حتى سحنته تشبه لون التربة الغريب الذي يتركه الفرات، وأكثر من عمل حاولت أن أنجزه بهذا اللون وهو لون مركب غير موجود، وأقصد بذلك أنه مركب بمواد طبيعية ومواد صناعية حتى نحصل على هذا اللون، لذلك أنا أركز على المقدرة التقنية والخبرة العملية للفنان في أن يذهب خارج الإطار الذي يعمل به، لكي يصل إلى مايخدم اللون. وأنا عملت عام1991 معرضاً كاملاً في المركز الثقافي الفرنسي عن تجربة الألوان الطبيعية وعلاقتها بالورق وكيف يمكن أن ننتج عملاً فنياً كاملاً من مواد طبيعية، من الشاي والقهوة وكافة النباتات التي كنت أحضرها وأعمل عليها مثل الجوز واللوز، وأقوم بخدش الورق..الخ كل هذه الأمور أقوم بتحويلها إلى صبغيات ويتم العمل من خلالها، هي حالات اختبارية بشكل مستمر، اللون حتى يتحول من صباغ إلى لون، يجب أن يكون هناك ما يميزه، وفي هذه الحالة يجب أن يكون هناك قيمة معينة يحملها حتى يتحول فيها إلى لون ولايبقى صباغا كالصباغ الذي هو على الجدار، هناك شيء اسمه خبرة الفنان، إنسانية الفنان نفسه، وكيف ينقل هذه الخبرة ويوظّفها في العمل الفني.أنا في بعض الأعمال أشتغل بيدي بشكل مباشر، أحمل اللون وأضعه على اللوحة وأحاول أن أعمل كالعجوز التي تفرد طينة على جدار بيتها في القرية، حتى كل سنة في الربيع، بعد أن يذهب الشتاء، ويكون قد ترك آثاره على البيت، تأتي مرة ثانية وتشتغل بيديها، وتلاقي آثار يديها على الحائط يعني جزءاً من روحها، جزءاً من جسدها، يمنح البيت قيمة وإنسانية، يمنحه دفئاً، أنا حاولت أن أنقل هذا كله إلى اللوحة، وأن أشتغلها بنفس المنطق الذي تشتغل به هذه العجوز التي يمثل بيتها كل شيء بالنسبة لها، وهذا يمثل كل شيء بالنسبة لي كفنان حتى أعبّر من خلالها.اللون قضية مربكة وشائكة ومركبة، أعتقد أن كل فنان يراه بطريقته، عندما أراه فقط وسيلة، بالتأكيد لن أنجح بأن أملأه بالمعنى، أو أجعله كثيفاً بالمغازي التي أحب أن أصل إليها، كيف يقرأ الناس هذا الأمر بالتأكيد سيجدون أنني استخدمت في هذا المعرض كل الألوان وتدرجاتها الأخضر والأصفر والرمادي، عادة ضمن إطار الأسلوب يذهب الفنان إلى أن يوجد روحاً واحدة في المعرض، وهذه النمطية لست معها، وقد حاولت أن أكسر هذا الجانب أيضا في هذا المعرض والمعارض السابقة.. ربما أركّز على لون أكثر، فالأحمر قد يبدو أكثر من غيره في مكان معين في هذا المعرض، في المعرض القادم قد يكون الأخضر هو المتقدم أو الأصفر، لكن أنا كفرد أفضّل الأصفر، أما عندما أتعامل مع مواضيع عامة، كل الألوان بين يدي هي وسائل لأن أنقل من خلالها تعابير أحتاج إليها كلها.وكيف تقيّم تجربة الجيل الشاب، هل هو جيل حقق حضوره وانتزع الاعتراف بوجوده بعيدا عن أي تأثيرات أم أنه جيل لم تتجاوز تجربته مرحلة المغامرة ضمن طاقاته المتاحة الآن أو حيويته الآنية؟أنا برأيي أن المغامرة هي الأساس بأي تغيير، وهو لغز لا يمكن حله، أنا لا أؤمن أن هناك لوحة شابة ولوحة كهلة، أو أن هناك كاهناً ينتج لوحة عظيمة، وشاب لا يستطيع أن ينتج لوحة عظيمة، العظيم هو العمل الفني في النهاية، هناك فنانون عظام لأنهم أنتجوا على مر التاريخ آلاف الأعمال الفنية، بيكاسو لم يصبح على ما هو عليه من عالمية إلا لأن أرقامه التي أنتجها فلكية، كما أنه عمل ليل نهار، وبذل كل الجهود ليصبح بيكاسو الذي نتذكره اليوم، أيّ فنان من الفنانين الذين نذكرهم اليوم هم فنانون أعطوا كل وقتهم وعمرهم وجهدهم ليتركوا شيئا ماديا تتم دراسته، أنا لا أؤمن أن فنانا مزاجيا وجوديا، هكذا على هامش الحركة الفنية كلها، ينتج عملا بعد كأسين من... الشراب.. الخ وبعد شهر قد ينتج عملا آخر.
أسألك كناقد، الفن التشكيلي العربي أين هو من التشكيل العالمي؟
اليوم الفن التشكيلي العربي والإيراني والهندي والباكستاني هو في أحسن حالاته، وهو مطلوب أكثر مما هو مطلوب أي شيء آخر في العالم..
الأمر مرتبط بالحالة النفسية، مرتبط بالذاكرة، بالأشياء الملحّة عليّ وأنا أنتج اللوحة، ولنأخذ مثلاً لوحة من المعرض مشكلة من تراب الفرات، هذا اللون هو لون تراب الفرات حين يطوف وينحسر، يعني الإنسان في ذاك المكان، حتى سحنته تشبه لون التربة الغريب الذي يتركه الفرات، وأكثر من عمل حاولت أن أنجزه بهذا اللون وهو لون مركب غير موجود، وأقصد بذلك أنه مركب بمواد طبيعية ومواد صناعية حتى نحصل على هذا اللون، لذلك أنا أركز على المقدرة التقنية والخبرة العملية للفنان في أن يذهب خارج الإطار الذي يعمل به، لكي يصل إلى مايخدم اللون. وأنا عملت عام1991 معرضاً كاملاً في المركز الثقافي الفرنسي عن تجربة الألوان الطبيعية وعلاقتها بالورق وكيف يمكن أن ننتج عملاً فنياً كاملاً من مواد طبيعية، من الشاي والقهوة وكافة النباتات التي كنت أحضرها وأعمل عليها مثل الجوز واللوز، وأقوم بخدش الورق..الخ كل هذه الأمور أقوم بتحويلها إلى صبغيات ويتم العمل من خلالها، هي حالات اختبارية بشكل مستمر، اللون حتى يتحول من صباغ إلى لون، يجب أن يكون هناك ما يميزه، وفي هذه الحالة يجب أن يكون هناك قيمة معينة يحملها حتى يتحول فيها إلى لون ولايبقى صباغا كالصباغ الذي هو على الجدار، هناك شيء اسمه خبرة الفنان، إنسانية الفنان نفسه، وكيف ينقل هذه الخبرة ويوظّفها في العمل الفني.أنا في بعض الأعمال أشتغل بيدي بشكل مباشر، أحمل اللون وأضعه على اللوحة وأحاول أن أعمل كالعجوز التي تفرد طينة على جدار بيتها في القرية، حتى كل سنة في الربيع، بعد أن يذهب الشتاء، ويكون قد ترك آثاره على البيت، تأتي مرة ثانية وتشتغل بيديها، وتلاقي آثار يديها على الحائط يعني جزءاً من روحها، جزءاً من جسدها، يمنح البيت قيمة وإنسانية، يمنحه دفئاً، أنا حاولت أن أنقل هذا كله إلى اللوحة، وأن أشتغلها بنفس المنطق الذي تشتغل به هذه العجوز التي يمثل بيتها كل شيء بالنسبة لها، وهذا يمثل كل شيء بالنسبة لي كفنان حتى أعبّر من خلالها.اللون قضية مربكة وشائكة ومركبة، أعتقد أن كل فنان يراه بطريقته، عندما أراه فقط وسيلة، بالتأكيد لن أنجح بأن أملأه بالمعنى، أو أجعله كثيفاً بالمغازي التي أحب أن أصل إليها، كيف يقرأ الناس هذا الأمر بالتأكيد سيجدون أنني استخدمت في هذا المعرض كل الألوان وتدرجاتها الأخضر والأصفر والرمادي، عادة ضمن إطار الأسلوب يذهب الفنان إلى أن يوجد روحاً واحدة في المعرض، وهذه النمطية لست معها، وقد حاولت أن أكسر هذا الجانب أيضا في هذا المعرض والمعارض السابقة.. ربما أركّز على لون أكثر، فالأحمر قد يبدو أكثر من غيره في مكان معين في هذا المعرض، في المعرض القادم قد يكون الأخضر هو المتقدم أو الأصفر، لكن أنا كفرد أفضّل الأصفر، أما عندما أتعامل مع مواضيع عامة، كل الألوان بين يدي هي وسائل لأن أنقل من خلالها تعابير أحتاج إليها كلها.وكيف تقيّم تجربة الجيل الشاب، هل هو جيل حقق حضوره وانتزع الاعتراف بوجوده بعيدا عن أي تأثيرات أم أنه جيل لم تتجاوز تجربته مرحلة المغامرة ضمن طاقاته المتاحة الآن أو حيويته الآنية؟أنا برأيي أن المغامرة هي الأساس بأي تغيير، وهو لغز لا يمكن حله، أنا لا أؤمن أن هناك لوحة شابة ولوحة كهلة، أو أن هناك كاهناً ينتج لوحة عظيمة، وشاب لا يستطيع أن ينتج لوحة عظيمة، العظيم هو العمل الفني في النهاية، هناك فنانون عظام لأنهم أنتجوا على مر التاريخ آلاف الأعمال الفنية، بيكاسو لم يصبح على ما هو عليه من عالمية إلا لأن أرقامه التي أنتجها فلكية، كما أنه عمل ليل نهار، وبذل كل الجهود ليصبح بيكاسو الذي نتذكره اليوم، أيّ فنان من الفنانين الذين نذكرهم اليوم هم فنانون أعطوا كل وقتهم وعمرهم وجهدهم ليتركوا شيئا ماديا تتم دراسته، أنا لا أؤمن أن فنانا مزاجيا وجوديا، هكذا على هامش الحركة الفنية كلها، ينتج عملا بعد كأسين من... الشراب.. الخ وبعد شهر قد ينتج عملا آخر.
أسألك كناقد، الفن التشكيلي العربي أين هو من التشكيل العالمي؟
اليوم الفن التشكيلي العربي والإيراني والهندي والباكستاني هو في أحسن حالاته، وهو مطلوب أكثر مما هو مطلوب أي شيء آخر في العالم..
حوار: سلوى عباس
No comments:
Post a Comment