Wednesday, April 20, 2011

جسّد جمل المحامل الفلسطيني: سليمان منصور.. يرصد التحولات الجوانية للقضية الفسطينية


عبر تاريخ الفن التشكيلي الفلسطيني ظل الفلسطيني يحتمي بمجموعاته اللونية، الباليتة التي حمته من رصاص الحاقد، رصاص الصهيوني الذي عبر بلداناً كثيرة ليحمل في تاريخه الوجل والخوف، وليعكسه في الجغرافيا المستهدفة فلسطين.
ورغم هذا الخوف والتخويف لم يرزح المبدع الفلسطيني تحت متطلبات هذا الخوف بل اصبح اكثر صلابة وعنفواناً وتميزاً لقضيته لتظهر جلية في القصيدة واللوحة والمنحوتة والسرد لتشكل هذه الحيوات شهادة جديدة الى جانب صوت البندقية.
الفنان السبعيني سليمان منصور واحد من الذين حملوا لواء النضال عبر اللوحة بعيداً عن اللوحة الجرائدية، متمسكاً بالفن كطريق لاظهار حضارة شعب عميق الجذور تمخضت عنه منارات ابداع غزت العالم عبر الترجمات على رأسهم الشاعر الكبير محمود درويش وادوارد سعيد واسماعيل شموط وآخرين.
فقد عرفنا جميعاً جمل المحامل لسليمان منصور التي شغلت ذاكرة ثقافية وبصرية تعايشت فيها كل الاجيال، لتشهد هذه اللوحة فكرة ما حصل وما سيحدث اتجاه القدس.
ففكرة الرمز التي تحملها هذه اللوحة توضح حجم مسؤولية الفلسطيني اتجاه قضية اصبحت وما زالت من اكثر القضايا العالمية والعربية صعوبة واشكالية.
ليقف الابداع الفلسطيني ماثلاً كطود قوي ليواكب مجريات هذا الكفاح ويوسس خطابه الحضاري اتجاه العالم طالباً الانصاف والامتثال للعدالة.
سار سليمان منصور في تأملاته الفنية التي عكست بصدق الحراك الثوري للانسان الفلسطيني وشكلت الى جانب التجارب المهمة الأخرى ذاكرة جديدة لصورة ما يحدث لتكون الشاهد الأبدي على جماليات المشهد الفلسطيني وبشاعة الاحتلال.


انطلق منصور من قماشة اللوحة عبر عناصر الانسان الفلسطيني ليرصد التحولات الجوانية لهذه القضية لكن انفجار الانتفاضة الذي فضح كل ما هو مستور وكان ذلك في اواخر الثمانينيات، هذه الانتفاضة التي شكلت تحولاً في تجربة كثير من الفنانين الفلسطينيين وكان منهم الفنان سليمان منصور، حيث تحول منصور الى استبدال الخامة المعروفة الى خامة اكثر التحاماً بالارض، مادة الطين والقش والنيلة والشيد والجلود والقماش والخشب لينتج اعمالاً ذات طابع تجريبي شكلت اضافة جديدة على مساحة التجربة بكل تجلياتها.
والفن بالنسبة لمنصور لم يكن مادة فقط بل جاء من باب تقديس الارض ونقل حياة الطين من الارض الى العمل الفني باحثا عن شقوق جديدة في أثلام العمل القني، فنقف امام لوحة عطشى بالحنين توقظ في مشاهدها فكرة اللمس وغرابة معالجات المادة كشكل فني.

 
أنا إسماعيل , مجموعة متحف فرحات


وقد شكلت هذه المرحلة اشارة واضحة الى عمق التأمل وتلمس الخير والمحيط، حيز الحياة وعتمة الموت، لنجد اننا امام قطع من بيوتات الطين ورسومات بدائية قد رسمها الاهل على جدران منازلهم، لتحمل لوحته ذاكرة المكان بكل تفاصيلة التي تحمل سرد وحكاية هذه الأمكنة.
لينتقل لمرحلة جديدة مرحلة التماثيل الطينية بحجمها الطبيعي كأنه يدعو الى نباتات طينية تخرج من باطن الارض هي الانسان الذي ينتمي ببذرته الاولى الى تلك الارض، فكل ما نراه في مجموعاته الطينية يذهب الى التشقق واظهار عامل الزمن ببعده الوجودي، بعد العطش للحرية متخذا من الشكل الايقوني فضاء لاشكاله، فجانب الايقونة الطينية يشير الى أمكنته المقدسة التي يتطهر بها ساكنها لتعطيه القوة والحياة الجديدة فهو يقبع في منطقة البعث الاسطوري مقابل الموت اليومي ليرقد هذا الموت الى القاتل (اليهودي).
وفي كل عمل يجابه منصور الآخر بحضارته المؤثثة بحيوات الارض وتاريخها الممتد.
انه الحوار الواضح بين العابر والقاطن نرى هذا الحوار في فكرة الأثر في عمله الفني لنرى الى ملامح الجدار الفلسطيني حيث الزخارف البسيطة والنوافذ والاشارات والحناء، انها الإحالات الاصيلة لفنان اصيل.
الدستور - محمد العامري

No comments:

Post a Comment